مكملاً للمجموعة اللونية المكونة من انسجام ألوان المياه الزرقاء البنفسجية وقد علاها وشى الموج الأبيض. وتحركت شهوة الإنسان في صبى طباخ الباخرة فأسرع بشصه ليصطاد من جموع السمك ما سوف يجهز لنا به وجبة العشاء. وأيقظني من تأملي صوت أجش متسائلاً:(لم لم تغادري الباخرة حتى الآن؟ لقد تحركت في تؤدة وعما قليل ستسرع ولن تتمكني من النزول) فتطلعت إلى صاحب الصوت في استغراب كأنما أوقظت من حلم بعيد، وللمرة الثانية يكرر قوله وأخبرته بأنني (حاجة)، وسرى هذا اللفظ (حاجة) في روحي متعة ولذة. وإذ دخلت قمرتي وطالعني وجهي في المرآة ولاحظت شعري المصفف ألهمت أن الشرطي كان على حق؛ فما ينبغي أن أذهب عارية الرأس إلى البيت الحرام. ومن ثم أسرعت بخلع ملابس المدينة وارتديت الجلباب الأبيض الفضفاض وأسدلت خماري على جيبي. وشعرت إذ ذاك كأن وجهي قد ازداد نورا، وروحي قد اكتسب صفاء، وخرجت إلى ظهر الباخرة من جديد، لأمتزج بالحجاج فوجدت أن أغلبهم لم يخلع بعد ملابسه.
ووافاني الشرطي معتذراً بأنه ما كان يظن أن صغيرة مثلي تقدم على الحج. وللمرة الثانية نظرت إليه في تعجب وذهول، وتركته لأجلس مع صاحباتي وكلمته ما زالت تدور في فكري. كيف ينظر الناس إلى الحج على أنه واجب الشيوخ وقد أثقلتهم ذنوب أعمالهم التي سطرتها سنو حياتهم ليتطهروا منها؟ أو كانت الفريضة وتأديتها وفقاً على الشيوخ دون الشباب؟ - وكأنما كان ينتظرني عجب آخر إذ سمعتهن وسنتهم في أحاديثهم وهي تعلو على هدير الموج يتذاكرون فيما تركوه من شؤون، وبدت في أحاديثهم الشجون؛ فمن شاكية زوجها وما تركتها إلا من ساعات، ومن باك على حبيب فقده، وحاقد على أخ اغتصب حقه من الميراث، وأنا أطل عليهم من تفكيري الشارد.
أو هؤلاء الحجاج يا رب: الناس هم الناس في كل مكان حتى في الطريق إلى بيتك المعظم!
ومر يوم وكاد الثاني ينقضي، وشاء الله أن يريح فكري، فدوى البوق واختلطت بدوية الزغاريد، واستيقظت على نغمات القطعة الموسيقية التي كونتها المقاطع المتوافقة ممتزجة بتصفيق الأمواج، ونظرت إلى ساعتي فإذا بها تشير إلى الثانية عشرة مساء، ومر في أدنى صوت يتحدث قائلاً بأننا قد وصلنا (رابغ) وأن علينا أن نبدأ الإحرام، وأسرع الجميع إلى