زار الوالد قريباً له بقيت الجرثومة خارج المنزل لا تجسر الاقتراب إلا ساحبة المطية ثم تنطلق فلفها فكان الركب ليس والدا وكأن اللاهث ليس ولده. . وكان الأقارب ذاك يألفون منه ويزورون عنه بجانبهم إذا أتيح له أن يراه وكان من في طوره أولاد عمومته يكادون لا يعرفون من أمره شيئاً وعرفوا فهو لهم لا يصلح لشيء إلا يعدوا وراء الحمار بتشديد تخفيف كما تشأ كان الغلام أولاد العم أو من بني قرابته يعني هذا إذا عرفه فيخفيه ولا ينبس بطرف منه إلى أحد فإذا للجرثومة حظ سعيد وذكرت في مجلس لهم فالفكر والاستنكار والهزء الذي ليس مثله هزؤ ثم يتعجل أحدهم فينقل موضوع الحديث قبل أن يدخل غريب فينكشف من أمر أسرتهم ما يرجون له الستر. لقد كان منذ ذلك اليوم لصاً في ذكره مجلبة للعار. فليس أبشع من سارق على شبع. لقد كان ذكره مفسدة للخلق، فترى الأمهات إذا ما ذكره أمامهن أحد الخدم قد رفعن أيديهن إلى أفواهن حذرا من أن يسمع الولد الحديث فيفسد حلقة ويشذ عن طريقه. . كان يذكر إذا ذكر خفية فكأنه كلمة لا تقال أمام كبير خشية أن يظن بقائلها سوء الأدب.
كان كذلك. . ثم نمت الجرثومة كالداء يترك بغير علاج. . نمت فإذا هي المرض لا يشفيه تطيب. . نمت فأصبح اللص الصغير سفاكا لا قبل للمجتمع به. . . ومات أبوه قبل أن يعرف ما انضمت عليه ضلوع الابن من الشر الكبير. . . مات الأب فخلا الابن بالحمار واعتسف ما كان لأبيه من أبيه وجمع من حوليه المجرمين من كل ضعيف النفس جائع الشهوة يريد أن يحتمي بالسفاك الأكبر. . . وهكذا انقلب الحمار سيارة، وأصبحت تقاد له بعد أن كان يشتهي أن يقود.
ازداد المال لديه. وأصبح (بيكا) وهو الجربوع. واشهر من أمر اللص ما حاول أقرباؤه أن يخفوه؛ ولكن سرعان ما تبين الأقرباء أنهم جانبوا العدل في معاملتهم لبن عمهم. هاهو ذا اسمه يجري بينهم جريئاً لا أحد ينقل الحديث إلى غيره ولا أحد يرفع يده إلى فمه: لقد أصبح الخفاء صريحاً وجهر بما كان يهمس به: هاهو ذا أحدهم يقول (والله أنه لخفيف الظل! لم لا نذهب إليه نسلم ونهنئ بيته الجديد) ولم يكن المنزل جديداً ولكنهم ذهبوا ها هم أولاد في منزلة وها هو ذا يرحب بهم فرحاً أن قصد إليه من كان يزور عن لقائه، ولكن الأقرباء لم يجدوا أنفسهم منفردين بل وجدوا معهم البلاد وأعيانها من حكام وأقطاب باسم