لم يبق غير رماد منك محترق ... مبدد كرماد النار منتهب
هنا إليك صلاح الدين مدكرا ... خالي الوقائع من تاريخك العجب
أطل فوقك شوقا وانثنى ولها ... بدمع غارق في الدمع منتحب
يدعو إليك أسود الله ضاربة ... تعدو على مهج الأبطال والقصب
دعاء ليث له في كل معترك ... طعن القنا وزئير الضغيم الغضب
ماض على سنة الآباء مقترب ... لله مقترب في الله محترب
بما أدرت لبوءات الفلاة غذا ... أعراقه ونما في خيسها وربى
يا بوم حطين عد للشرق ثانية ... واخلع على العرب من أثوابك القشب
أعد إلينا صلاح الدين في أجم ... من القنا وخميس زاخر لجب
كائن للجن في حطين مزدحما ... منه يمس قلوب الجن بالرعب
ساورا كتائب للرحمن داعية ... بالبيض تغمر وجه الأرض واليلب
يفرجون عن الإسلام كربته ... ويمنعون كريم المجد والحسب
ويقهرون العدا إما التقوا بهم ... في ساحة رحبة أو معقل أشب
القاحمون على الآساد معقلها ... والواثبون وثوب الجن في اللهب
والقارئون كتاب الله في رهب ... والواردون حياض الموت في رغب
سادوا الدنيا في ظلال الله راضية ... وغادروها فنالوا أجر محتسب
إيه فلسطين والأيام راكضة ... بنا تقطع قلب الدهر بالخبب
ماذا سقتك يد الأيام من غصص ... أليمة ورماك الدهر من كرب
لما سقطت بكى القرطاس من وله ... عليك وأنشق صدر السيف من غضب
يبكى عليك بنو الإسلام من عدن ... إلى الرياض إلى مصر إلى حلب
قد ذاب كل فؤاد حرق وجوى ... وانشق كل جماد منك لم يذب
بي منك جرح فتى ضيمت عروبته ... ومسلم حيز منه عرضه وسبي
ولم أزل كأبي أهفو إليك أسى ... وينثنى لا عج الأشواق نحوك بي
قاسمت فيك الأسى شعري فقاسمني ... حتى وهيت وضج الشعر من لغب
(القاهرة)