بخبر في الحكم لا شاهد له عليه، وكان يأمرهم بأن يقلّوا الرواية يريد بذلك أن لا يتسع الناس فيها ويدخلها الشوب ويقع التدليس والكذب في المنافق والفاجر والأعرابي).
وقال الذهبي في طبقات الحفاظ في ترجمته:
(وهو الذي سن للمحدثين التثبت في النقل وربما كان يتوقف في خبر الواحد إذا ارتاب)
وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: كنت في مجلس من مجالس الأنصار إذ جاء أبو موسى كأنه مذعور! فقال استأذنت على عمر ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت! قال (عمر) ما منعك؟ قلت استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت! وقال رسول الله (إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع. فقال: والله لتقيمن عليه بينة - زاد مسلم - وإلا أرجعتك - وفي رواية ثالثة فوالله لأوجعن ظهرك وبطنك أو لتأتيني بمن يشهد لك على هذا! أمنكم أحد سمعه من النبي؟ فقال أبي ابن كعب والله لا يقوم معك إلا أصغر القوم. فقمت معه فأخبرت عمر أن النبي قال ذلك، فانظر كيف عمر تشدد في أمر ليس فيه حلال ولا حرام، وقدر ماذا يكون الأمر لو كان الحديث في حلال أو حرام! أو في أي شيء في أصول الدين أو فروعه.
وقد استند إلى هذه القضية من يقولون: إن عمر كان لا يقبل خبر الواحد، واستدل بها من قال: إن خبر العدل بمفرده لا يقبل حتى ينضم إليه غيره - كما في الشهادة.
وقال ابن بطال: يؤخذ منه التثبت في خبر الواحد لما يجوز عليه في السهو وغيره.
وقد رأيت من قبل ما فعله عمر مع أبي هريرة وغيره. ولم تكثر أحاديث أبي هريرة إلا بعد وفاة عمر، فقد روي عن أبي سلمة عن أبي هريرة - وقلت له - أكنت تحدث - في زمان عمر هكذا؟ قال:
لو كنت أحدث في زمان عمر مثل ما أحدثكم لضربني بمخفقته، وفي رواية: إني لأحدث أحاديث لو تكلمت بها في زمان عمر - أو عند عمر - لشج رأسي!
وعن أبي سلمة سمعت أبا هريرة يقول: ما كنا نستطيع أن نقول قال رسول الله، حتى قبض عمر.
وعن الزهري: أن أبا هريرة كان يقول: أفكنت محدثكم بهذه الأحاديث وعمر حي! أما والله إذا لأيقنت أن المخفقة ستباشر ظهري، فإن عمر كان يقول: اشتغلوا بالقرآن فإن القرآن