للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هتفت شمائله بملء لهاتها ... ترثيه قبل هتافنا برثائه

والله ما نظم الرثاء لراحل ... كلسان ما أسداه من آلائه

ومن الثناء ممحض ومموه ... لكن صدق القول غير ريائه

هذا الذي ولى نقي الثوب ما ... من شبيهة علقت بذيل ردائه

قد كان أرفع قيمة من دهره ... وأجل من حرمانه وعطائه

النفي لم يقدر على إخضاعه ... والحكم لم يقدر على إغرائه

من أجل مصر ما يجيش بصدره ... من حبه للناس أو بغضائه

وإذا أحب فلن نراه محابيا ... شتان بين حبيبه وحبائه

يهوي ويقلي وهو في كلتيهما ... بالعقل مغلوب على أهوائه

وينال بالإسفاف منه غريمه ... وبغير ذلك ينال من غرمائه

خصم شريف إذ يصول وربما ... أغضى فكان القتل في إغضائه

حر حمى الأنف إن سيم الأذى ... فالموت دون رضائه

أنف لو أن الخلد شيب هواؤه ... بغبار ضيم عاف شم هوائه

وصراحة في الرأي يبديه وإن ... لم يرض ذو الجبروت عن إبدائه

عجبي كيف استطاع الصدق في ... لغة السياسة وهي من أعدائه

قد كان في هذا الزمان وأهله ... معنى جميلا في كتاب شائه

لو كان صادف مثله (دوجين) لم ... يبحث عن الرجل الشريف التائه

هذا الرفات سجل أكبر ثورة ... بالله لا تطووه عن قرائه

خطو على مرآي العيون ضريحه ... ثم أكتبوا التاريخ من إملائه

وخذوا الحقائق عنه بعد مماته ... والميت مؤتمن على أنبائه

هذا بقية معشر قد خط فيه ... صحف الجهاد كتابه بدمائه

اليوم نفقد صاحبيه بفقده ... فنى الثلاثة جملة بفنائه

لما أهاب النيل في الجلي بهم ... لبوه أطهر أنفسا من مائه

فتحوا على المعتل باب عرينه ... ولقوه وهو يتيه في غلوائه

وسلاحه بدم العدو مخضب ... والنصر معقود بظل لوائه

<<  <  ج:
ص:  >  >>