ولم أحتفل بالكؤوس الدهاق ... كما يحتفي بالصغار الأب
ثكلت شبابي، أأستافها ... عبيرا يفوح ولا أشرب
وأبصرها فوق ثغر النديم ... شهابا وسرعان مايغرب
يقبلها - يا لبؤس الجمال - ... قبيح، ويحضنها أشيب
تطوف ويتعب عشاقها ... من السهد ليلا ولا تتعب
عروس تتيه الخاطبين ... وتأبى، ومن عجب، ثيب
تقهقه إما تميل الرءوس ... وتسخر من عاشق ينحب
تدور على فتية مترفين ... صباح، يزان بهم ملعب
كما دار في أفقه مشرق ... من النجم أطلعه المغرب
أأندب عمراً كنبع يفيض ... بأفراحه وهو لا ينضب؟!
أأندب؟ يا شؤم هذي الحياة ... إذا كان مثلي من يندب
وأبي صداح هذي الرياض ... وغريدها الباسم المطرب
سأضحك عمري لا أنحب ... وللموت، للقبر من ينحب
على أي شيء أذيل الدموع ... وأعمر جفني أوأحلب
وفيم البكاء على مقفر ... من الحلم هل يمرع السبسب؟!
أأبكي على ما مل ضائع ... تولى وقد لفه غيهب؟!
وأنسى غداً وهو فجر يلوح ... لمن بات في ليله يرقب
سأغلي دموعي وإن ضامني ... زمان بأصحابه قلب
أجوع وهذي ثمار الفتون ... تصيح على الجائعين أنهبوا؟
وأظما وسلسال نبع الجمال ... يغص به كل من يشرب؟
عرائس من ناضجات الجنى ... ينوء بها الثمر الطيب
تدلت عناقيدها واستوت ... على سوقها فتنة تخلب
يجن ببهجتها الناظرون ... ويبهرهم حسنها المغرب
تمنيت لو كنت ناطورها ... وهيهات هيهات ماأطلب
دمي وشعوري وزهو الصبا ... إلي قدسها بعض ما أو هب