خلي الفؤاد من المؤلمات ... فلا ما يسيء وما يتعب
كطفل سعيد بأعوامه ... وآماله أبداً لمعب
وقد واكبته طيوف الهنا ... وهش له الزمن الطيب
ولا كدرت صفو أحلامه ... ليال ولا رنق المشرب
حياتي، بعد جفاف الفؤاد ... فراغ يشابهه السبسب
يموت به المرح المستطاب ... ويحيا به العدم المرعب
ويستيقظ اليأس من جوعه ... ويصرخ جرح الظما الملهب
فلا اللهو رف على روضه ... ولا طاف في أفقه كوكب
لقد غاض فيه معين الشباب ... وجف به روضه المعشب
يمر عليه الربيع الضحوك ... فيفزع منه ولا يقرب
كمقبرة، ما لأصدائها ... مجيب، ولا بومها ينعب
جفتها الظنون فلا هاجس ... يمر، ولا شبح يسرب
سوى الدور، جال بأنحائها ... ونام على بابها العقرب
فؤادي بعد جفاء الحبيب ... يباب، وهل يمرح المجدب
وكيف ستزكو الرياض التي ... جفاها غمام الهوى الصيب
عزاءك يا قلب بالذكريات ... فمنهن قوتك والمشرب
وصبرا إذا ملك الأقربون ... وخان هواك الذي يحدب
وداوجراحات حب عفا ... وأقفر روض له مخصب
وكن حذرا من هواك الجديد ... فبرق سماء الهوى خلب
ألم تبله في قلوب الحسان ... يطوف وسرعان ما يذهب
فلا تخدعنك الوعود العذاب ... فكم مدمع بالهوى يكذب
شبابي، يحن إلى روضة ... معطرة طيرها يصخب
أجوس بأرباضها حالماً ... وتحت أماليدها ألعب
أو دع فيها لغوب الحياة ... ومن فيض ينبوعها أشرب
مللت طوافي وراء السراب ... وخلفي وهمي لا يتعب