يقول الناقد الحر مصطفى السحرتي في كتابه (الشعر المعاصر على ضوء النقد الحديث).
ونشاط الصيرفي الأدبي نشاط مبكر جداً، فمنذ الخمسة عشر عاماً كان يشرف على تحرير بعض المجلات الأدبية، ويكتب البحوث في الأدب والنقد، وينظم القصائد الجميلة العالية.
وآخر ثمراته الأدبية كتابه (حافظ وشوقي)، الذي يدل على عقلية مؤلفه الخصبة، وملكاته القوية في النقد، ومنهجه الواضح في الموازنة والتحليل، والدراسة الأدبية الصحيحة.
وصعوبة الكتابة عن شوقي وحافظ من حيث الموازنة المنهجية بينهما، لا يجهلها أحد، ولكن الصيرفي نهض بهذا العبء في قوة واستقامةغرض ودقة تحليل وإصابة هدف.
والشاعر لا يستطيعأن ينقد شعره إلا شاعر مثله، يفهم منهج الشعر ومذاهبه وأدواته، ويتذوق أسلوبه وعناصره. . . سئل البحتري عن سلم وأبي نواس أيهما أشعر؟ فقال أبو نواس. فقيل له إن أبا العباس ثعلباً (الرواية اللغوي الأديب النحوي المتوفى ٢٩١ هـ) لا يوافقك على هذا؛ فقال: ليس هذا من شأن ثعلب وذويه المتعاطين لعلم الشعر عمله.
لذلك كان نقد الصيرفي الشاعر لشوقي وحافظ الشاعرين: وموازناته الأدبية بينهما، من الدقة والإصابة بمكان بعيد ما تحس به حين يتحدث عن ديباجة الشاعرين وموسيقاهما، أو حين يحلل شعرهما السياسي والتاريخي، أو شعرهما في الطبيعة والمرأة، وفي الرثاء، وفي بعض المواقف التاريخية والوطنية: كحادثة دنشواي، ووداع كرومر، ووفاة مصطفى كامل، وإعلان الدستور العثماني وخلع عبد الحميد، وحريق ميت غمر، وزلزال مسينا الذي صوره حافظ، وزلزال طوكيو الذي صوره شوقي، ومحاولة اغتيال سعد.
وحين يعرض الصيرفي الناقد لفن الشاعرين نلاحظ قوة وروعة لا مثيل لهما، رغم الإيجاز الشديد في حديثه عن ذلك وهذه الموازنات بين الشاعرين تسير وفق أحدث المناهج الأدبية في النقد، فهي ليست نمطاً من الموازنات القديمة، التي تنظر إلى الألفاظ والقواعد، وتحليلبيت، وتعداد محاسن وعيوب محدودة، وإنما هي موازنات تنظر إلى البواعث النفسية التي أثرت في فن كل من الشاعرينوإنتاجهما.
إن هذا الكتاب القيم الجدير بأن يضفي على شخصية الصيرفي الشاعر شخصية الناقد الحر الطليق