سلطنتها أمام عينه، ولم تقتصر في التنويه بفضل أمرائها ونباهة شأنهم ومبلغ شجاعتهم.
وأنت أيها الأمير ازدمر، حين ما توجهت إلى قناطر العشرة في زمن الربيع الزاهر، اصطحبت معك هذا القاصد واحتفيت به احتفاء كان مضرب المثل، وفهم عنك مبلغ ما عليه سلطتنا من جاء وقوة وحول وطول. ورأى ما لبلادنا من جمال وروعة. وعندما أراد العودة إلى بلاده خلعت عليه خلعة ثمينة، وحملته إلى ملكة هدية نفيسة تليق بمكانتها. . . ثم. . . بعثت في أثره الأمير (ثاني بك الخازندار) قاصاً من لدنا إلى ملكهم، ليقوم بمثل ما قام به قاصدهم.
هذه هي دولة بني عثمان. . . ثم هناك العربان في بلاد الحجاز بل ومختلف جهات الديار المصرية، يثورون من آونة لأخرى حاقدين علينا معشر الجراكسة ناقمين منا، يدعون أن البلاد بلادهم دوننا، وأننا عنها جد غرباء. . . يا لبلادتهم! كأن عشرات السنين التي انصرمت منذ ألف الملك المعز بن أبيك الجاشنكير دولته البحرية؛ أو منذ ألف الملك الظاهر برقوق بن أنص، دولته الجركسية، ليست كافية في نظر هؤلاء الحمقى لمصير عنصرها. . .! فهؤلاء العربان الذين يدعون حقهم في البلاد، لم ينهضوا في أغلب الأحوال، إلى معونتنا إذا دهم البلاد عدو أجنبي. . .! فلله ما أشد حدبهم على بلادهم، وما أنشطهم للذود عنها. . .!
أيها الأمراء! هكذا ترون أننا في حاجة إلى اتحاد قوى وائتلاف صميم. . . أما الخلف الذي تخفون إليه، فحالة لا تقوم بها سلطنة، ولا يهانا بها سلطان - كما ذكرت. . . لن ينفض هذا الجمع من هنا اليوم، حتى تقسموا جميعاً على المصحف العثماني، أمام قاضي القضاة، يمين الطاعة والولاء.
فأقسم الأمراء ثم أقسم لهم السلطان وأرسل إلى المماليك بالقلعة فأقسموا يمين الطاعة طبقة بعد طبقة.