أنه لا إله إلا الله دخل الجنة، وحديث: من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول حرم الله عليه النار، وحديث لا يشهد أحد أنه لا إله إلا اله وأني رسول الله فيدخل النار أو تطعمه: يجوز أن يكون ذلك اقتصاراً من بعض الرواة نشأ من تقصيره في الحفظ والضبط لا من رسول الله (ص) بدلالة مجيئه تاماً في رواية غيره، ويجوز أن يكون اختصار من رسول الله فيما خاطب به الكفار عبدة الأوثان الذين كان توحيدهم لله مصحوباً بسائر ما يتوقف عليه الإسلام ومستلزماً له.
واعلم أن الرواية بالمعنى قد أحس بضررها كثير من العلماء وشكوا منها على اختلاف علومهم، غير أن معظم ضررها كان في الحديث والفقه لعظيم أمرهما. وقد نسب لكثير من العلماء الأعلام أقوال بعيدة عن السداد جداً اتخذها كثير من خصومهم ذريعة للطعن فيهم والإزراء بهم ثم تبين بعد البحث الشديد والتتبع أنهم لم يقولوا بها، وإنما نشأت نسبتها إليهم من أقوال رواها الراوي عنهم بالمعنى فقصر في التعبير عما قالوه فكان من ذلك ما كان. .
وقد تعرض العلامة التحرير نجم الدين أحمد حمدان الحراني الحنبلي للضرر الذي نشأ من الرواية بالمعنى في مذهبه فقال في آخر كتاب صفة المفتي في باب جعله لبيان عيوب التأليف وغير ذلك ليعرف المفتي كيف يتصرف في المنقول، ويقف على مراد القائل بما يقول، ليصح نقله للمذهب، وعزوه إلى الإمام أو إلى بعض من إليه ينسب (اعلم أن أعظم المحاذير في التأليف النقلي إهمال نقل الألفاظ بأعيانها والاكتفاء بنقل المعاني مع قصور الناقل عن استيفاء مراد المتكلم الأول بلفظه، وربما كانت بقية الأسباب مفرعة عنه، لأن القطع بحصول مراد المتكلم بكلامه أو الكاتب بكتابته مع ثقة الراوي تتوقف على انتفاء الإضمار والتخصيص والنسخ والتقديم والتأجير والاشتراك والتجوز والتقدير والنقل والعرض العقلي، فكل نقل لا يؤمن معه حصول بعض الأسباب لانقطع بانتفائها نحن ولا الناقل، ولا يظن عدمها ولا قرينة تنفيها ولا نجزم فيه بمراد المتكلم، بل ربما ظنناه أو توهمناه - ولو نقل لفظه بعينه وقرائنه وتاريخه وأسابه انتفي هذا المحذور أو أكثره. .)
ضرر الرواية بالمعنى من الناحية اللغوية والبلاغية:
هذا بعض ما قالوه في ضرر رواية الحديث بالمعنى في الأمور الدينية، أما ضررها من ناحية اللغة والبلاغة فقد بينه نابغة الأدب وحجة العرب مصطفى صادق الرافعي بقوله