له الخيار في أن يبقى في ناحيته أو ينتخب لنفسه ناحية أخرى
لقد فرح المدير بهذه المنحة وأحال الأمر على زوجه فهي أحرى أن تبت فيه. قلق الموظفون لفراق مديرهم، وكان أحمد أشدهم قلقاً. . .
أتعاوده غباوته وجبنه المعهودان؟ فيحرم من سلمى مرة أخرى! لا. ليس هو الفتى الغر، لقد أصبح رجلاً كامل الرجولة، له صولات وجولات في ميدان الحب والغرام. ألم تبادله سلمى نظرات بنظرات؟ ألم تجاهر بإعجابها به؟ ألم تثن على آرائه وتستسيغ نكاته؟ ألم يلمح بوارق الحب تلوح في عينيها من حين لآخر مهما حاولت إخفاءها؟
فماذا عليه إذا كتب إليها يرجوها أن تبقى، أو حسبه أن تعلم أنه أحبها وظلت مثله الأعلى عشر سنين كاملة وستبقى كذلك دائماً أبداً.
تلقت سلمى رسالة احمد وقرأتها مرات كثيرة. وفي كل مرة كان يخفق قلبها بقوة وعنف وحارت ماذا تجيب. وفي المساء أوت إلى السرير الذي كانت تقتسمه هي وزوجها. . وظلت فريسة صراع عنيف قام بين ضميرها وعاطفتها حتى الفجر.
كانت العاطفة تطغى فتقرر البقاء لتتمتع بهذا الحب الذي هبط عليها من السماء وسوف لا يجود به الدهر مرة ثانية. . سترعاه نقيا طاهراً وستجعله مقتصراً على النظرات المختلفة ودقات القلب العنيفة اللذيذة، ولكن الضمير كان يغالب العاطفة ويكبتها بآيات بينات. ألم تبتدئ قصص الحب التي قرأتها أو سمعتها بنظرات بريئة وتنتهي بآثام مريعة؟! أتجيز لنفسها ما آخذت عليه الآخرين؟
وأخيراً استطاعت أن تخرس الضمير وتصم أذنيها عن آياته البينات وتقرر البقاء. كان الإعياء قد بلغ منها كل مبلغ. فشعرت بالحرارة تتمشى في أطرافها وأحست وهجها في خديها، وفي حركة عصبية أزاحت الغطاء بعيداً وأخرجت ذراعيها العاريتين على رغم البرد الشديد. فإذا يد تمتد بعطف وحنان فنعيد الغطاء يرفق وأناة وتحكمه حول عنقها وفي منحنى خصرها، وأصابع رفيقة تجس الخد لطيفاً لتطمئن على أن ليس هناك حرارة! وكأن الأصابع الرفيقة عندما مست الخد مست الضمير أيضاً فتنبه مرة ثانية، ولكنه كان أكثر نشاطاً وأبلغ حجة فاستطاع أن ينتصر.
وإذا زفرة حرى تخرج من أعماق قلبها ودمعتان كبيرتان تجولان في عينها. . أما شفتاها