رفيق أو رقيب، ودعنا نفرض أن هذه المصادفة، مصادفة الاقتراب بين نجمين حدثت، وحصل هذا الشيء البعيد الوقوع والنادر الحدوث بين شمسنا ونجم أخر، ومر هذا النجم بالقرب من الشمس دون تصادم أو احتكاك، وكان كبيراً بحيث كان تأثيره قوياُ عليها، فتأثير ذلك النجم، على رأي جينز، كان أن عمل على سطح شمسنا مداً ارتفعت فيه كمية كبيرة من الغاز، وتمددت طويلاً متتبعة جهة أبعاد النجم عن الشمس، فانفصلت عنها وتكونت بشكل سيكار ثخين في الوسط ودقيق عند الطرفين، وصار هذا الغاز المنفصل وسطاً لتجمع كتل صغيرة وكبيرة ومتوسطة بقدر ما يستوعب وتستجمع من المادة التي حولها. ولصغر هذه الكتل ضعفت فيها قوة انبعاث النور والحرارة، وانطفأت شعلتها النارية، فبردت وانخفضت حرارتها تدريجياً، وتحولت الغازات أمطاراً من سوائل المعادن على سطوحها، وتقلص حجمها الغازي إلى حجم سائلي، وعند انخفاض الحرارة أكثر تجمدت السوائل. وتحول بعضها إلى مواد صلبة قاسية وانكمشت السطوح كثيراً، وتجمدت، وتكونت أجساماً معتمة، لا مصدر للحرارة أو النور فيها غير ما تستمده من الشمس أو من بعض المواد المشعة في داخلها. وجعلت حفظاً للاندفاع الدوري تدور حول الشمس دورات مختلفة في البعد والوقت. وهكذا كانت الكواكب السيارة، منها عطارد وبلوتو في طرفي السيكار، والمشتري وزحل في وسطه.
وفي بدء خلق هذه الكواكب، وقبل اعتدال دوائرها وثباتها حول الشمس كما هي الآن كانت تدور بغير انتظام يربطها، أو قانون يوحدها. فكانت تارة تقترب، وتارةً تبتعد عن الشمس؛ فحدث في أثناء ذلك أنه بينما كانت الأجسام غازات ملتهبة، اقترب بعضها من الشمس إلى حد مكن الشمس أن تسحب من غازاتها كتلاً أخرى انفصلت عنها وكونت أقمارها ومن جملتها قمرنا.
وهكذا من فوضى الطبيعة الأولى تكونت السدم، والسدم من جراء دورتها حول نفسها تشتت غازها وانقسمت إلى أنجم، كل نجم منها قائم بذاته، وسائر في الكون بقوة حركته واندفاعه. ومن سرعة سير هذه الكواكب ابتعدت عن بعضها أبعاد شاسعة. تكاد تعدمها حقيقة وجودها، بالنسبة لسعة الفضاء وعظمته، وصار مجرد اقتراب الواحد من الأخر من قبيل المصادفة فقط. ولكن حدث أن اقترب نجم من شمسنا، وسحب منها غازات توحدت