وتراه قدامنا مادحا فينا وياما يذمنا من ورانه
يدعى أنه أبن ناس ذوات ... أورثوه في زعمه أطيافه
وهو والله يا عزيزي أيوه ... عربجي وأمه بلانه!
ثم أسمع هذا الختام المحكم القوي:
أيها الناس بعضكم عسل صا ... ف لذيذ، وبعضكم دبانه!
فكم من الأدباء عرض لوصف الثقلاء ولكنهم لم يصورا هذا التصوير البديع الصداق الذي يستمد قوته من صدقه وإبرازه الوقائع كما هي.
والناس يصرخون اليوم من أجرة الأطباء، ولكن الشعراء لا يتناولون هذه الناحية من اجتماع الأمة، ويتناولها الشعر المطعم فيقول الشاعر معارضا قصيدة أبي فراس: -
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر ... أما للهوى نهي عليك ولا أمر
نعم أنا بردان، وعندي كحة ... ولكن مثلي لا يطيب له صدر
فهل علم الدكتور أني بكحتي ... أمزق أحشائي الغداة ولا فخر
وقال التمرجي هل معاك فزينة ... تخش بها، أو ما معاكشي فتنجر
وقال أصيحابي الدخول أو الردى ... فقلت هما أمران: أحلاهما مر
ألم تعلموا أني فقير وأنه ... إذا شافني خمسون قرشاً له أجر
بنصف جنيه نظرة فابتسامة ... فقصقوصة من دفتر فوقها حبراً
ولكن إذا حم الفضاء على امرئ ... فليس له بر بقية ولا بحر
فاضطرار المريض، وغلظة الممرض، وجشع الطيب، مصورة ههنا أروع التصوير وأبرعه.
وكثير من الأغنياء لا يسهم في المنافع العامة للشعب، ولذا تجد المجالس الشعبية تلدغهم بقارص نقدها، ويسجل ذلك الشعر المطعم:
نعم لك مال، غير انك جلدة ... فلست بمودود ولا متودد
إذا لم تكن - يا باشا - صاحب نخوة ... فخمسون طظا فيك من اليوم للغد
وتجد المجالس الشعبية تتناول عباد المظاهر هازئة ساخرة محقرة، وترى هذا في الشعر المطعم: