للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العربية الجميلة. بلغ من ولوعهم بهذه الصناعة أن تخذها الخلفاء والسلاطين مفخرة يفخرون بإجادتها وإحسانها، وزينة يدلون بها على أساتذتها وأساطينها، فكان السلطان (محمود) يجيد خط (الثلث) (وجلي الثلث) ولا تزال (لوحته) القيمة التي خطها بقلمه الجميل تحتل الصدر من (المسجد الحسيني). وصار على أثره السلطان عبد المجيد، فكان خطاطاً وسطاً لم يبلغ شأو أبيه. . . وله قطعة كبيرة تتصدر (القبلة) في ذلك المسجد.

تطاول الخط على سائر الفنون الجميلة منذ أحبه الخلفاء والسلاطين وعلت مكانته يوم أن فتحت قصور العواهل على رحباتها لكبار الخطاطين، يعلمون الخلفاء ذلك الفن الجميل.

ودام للخط العربي هذا الحظ الميمون، والآستانة تصدر إلى العالم العربي من سحره الفاتن وجماله الرائع، ما خلب اللب، واستولى على النفس، حتى وفد على القاهرة المرحوم عبد الله بك زهدي بدعوة من خديو مصر إسماعيل.

جاء ليكتب (الكسوة) بعد أن كتب الحرم النبوي الشريف، فلقي من لدن ولي الأمر التعضيد والتأييد.

وكان يومئذ في مصر نهضة مباركة، نشأت في شخص المرحوم محمد أفندي مؤنس، ولكنها كانت في حاجة إلى إذكائها وتنميتها، فطلع (زهدي) على الناس، بخط الكسوة وسبيل أم عباس، وتداولت الأيدي بعض نماذجه في الثلث والنسخ. فكانت بادرة سعيدة، صعدت بالمرحوم مؤنس إلى الذروة العليا من ذلك الفن البديع.

وكان الرجل خيراً بفطرته، فأخذ يذيع فنه على الناس ويعلمهم إياه، لا ينتظر أجراً ولا شكراً، فكانت داره يومئذ أشبه بمدرسة داخلية، يتعلم فيها الطلاب وينعمون بحديقتها الرحبة، بل يأكلون ويشرون.

ومن يومئذ بدأ الخط يتحول إلى القاهرة، وكانت العناية شديدة بإتقانه وأجادته، وكان له شأو رفيع وشأن جليل في المدارس الابتدائية والثانوية بله العالية.

تلك خلاصة موجزة بسطتها بين يدي القارئ، لأستطيع التحدث إليه عن فتح جديد في الخط العربي، طلع به علينا الفنان النابغة الأستاذ مصطفى بك غزلان رئيس التوقيع بديوان جلالة الملك.

فقد يعرف المتتبعون لتاريخ هذا الفن أن الخط الديواني نقل فيما نقل من الآستانة إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>