وعندي أن مصر تستطيع أن تحقق أهدافها في أقصر وقت إذا استطاع زعماؤها أن يوحدوا صفوفهم وخطتهم، وأن يقبلوا صفا واحدا رافعين لواء الجهاد وخلفهم أمة مؤمنة على أتم استعداد لبذل دوائها وأموالها في سبيل حريتها واستقلالها
وإني أضرب للقارئ مثلا يمكن به تحقيق أهدافنا بالطرق السلمية. ماذا يكون مصير القوات البريطانية في قنال السويس إذا تكتل المصريون حكومة وشعبا، ورفضوا إمداد هذه القوات بالغذاء والماء والعمال، ثم امتنع المصريون عن شراء البضائع الإنجليزية، وكذلك رفضوا بيع قطنهم وحاصلاتهم لبريطانيا؟ إنني أؤمن أن بريطانيا لن تستطيع مقاومتهم وستستجيب حتما إلى طلباتهم. وقد اتبع فاندي هذه الخطة في الهند، وبواسطتها حصلت الهند على استقلالها
إنني أنظر إلى الماضي البعيد فأرى مصر في تاريخها القديم دولة قوية، ولها إمبراطورية واسعة في وقت لم تكن فيه بريطانيا شيئا مذكورا. وفي العصور الوسطى كانت الإمبراطورية الإسلامية أقوى دول الأرض جميعا وكان اسم المسلمين يثير الرعب والفزع في قلوب أهل الغرب كافة. فماذا دها الشرق حتى استأسد عليه الغرب
قلب النظر أيها القارئ الكريم في أحوال الشرق تر عجبا؛ فبريطانيا تحتل قنال السويس في مصر، وتحتل السودان باسم مصر، وبينها وبين العراق وشرق الأردن معاهدة صداقة!! وهي تحتل عدن وليبيا أيضا. وأما فرنسا فتحتل تونس والجزائر ومراكش وتعتدي على حريات ملوكها وحكامها؛ فما سر ذلك؟
نحن قوم بلا مبادئ وبلا زعماء. إننا نريد زعماء يؤمنون حق الإيمان بعدالة قضايانا، وإن اتحاد صفوفنا وإيماننا بحقوقنا هما الطريق إلى استقلالنا
إن أمم الغرب أعلنت أكثر من مرة بأن لكل قوم الحق في تقرير مصيرهم. وفي ميثاق الأطلنطي ١٩٤١ أعلنت أمريكا وبريطانيا أنهما تحترمان الحريات السياسية والقومية والفكرية والدينية، كان ذلك أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت الدولتان تفعلان ذلك تخديرا للشعوب، وضما لها إلى جانبهما، فلما انتهت الحرب تبخرت الوعود والمواثيق وذابت المبادئ