- لا شك في أن الإيمان سر من الأسرار المستقرة في القلوب، ولكن آثره الطيب يظهر في الخارج ظهوراً جلياً، فإن العمل بمقتضى الإيمان غير العمل بمقتضى الكفران، والسير في طريق الطاعة غير السير في طريق العصيان. . .
ومن الذنوب ما يغفر ومنها ما لا يغفر، وأقربها من المغفرة أبعدها عن الإصرار والصالحات الظاهرية المشوبة بالرياء لا تنفع عند الله ولا عند الناس، بل لا يصح أن يسمي صالحاً ما ليس خالصاً، فإن الرياء إذا اختلط بعمل حبط، وذهبت الحكمة من أجلها شرع، ولنضرب لذلك مثل الذي يعطى فقيراً ثوباً مكتوباً عليه تلك العبارة: صدقة من فلان إلى فلان!
فإذا كان المقصود من الثوب هو الستر فكيف يجمع ذلك الذي زعم أنه محسن بين الستر والفضيحة فيكسو العاري بثوب، ويجرده في الوقت ذاته بمنه وأذاه؟!
الإيمان في القلب، ومن السهل استشفافه من آثاره الطيبة الدالة عليه فمن آمن عمل بمقتضى إيمانه، وسبقت نيته الطيبة عمله الطيب، فأنى بالخير لأنه خير وكفى، لا ابتغاء الظهور بمظهر الورع والصلاح
وليس اجتناب المعاصي دليلاً على اليأس من رحمة الله، كما أن رحمته سبحانه ليست وقفاً على الطائعين وحدهم، بل وإنما تشمل العصاة التوابين الذين يرجعون إلى ربهم وإلى أنفسهم نادمين، ولم يؤيدوا العصيان بالإصرار