للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولا ينطق. تتسع أذنه للألم. وينعقد لسانه عن إفصاح. وفي الإفصاح التنفس من ضيق. وفي الحديث استشفاء من ألم. . . ثم يأخذ في تحليل العوامل النفسية التي قذفت بالمنتحر إلى هوة الانتحار فيقول: قد نشأ هذا الزوج على الفقر. وكان فقراً مدقعاً. في البيت، وعل المائدة، وعند النوم. وظل يمضغ الحياة المسرة سنوات لأنه لم يجد ما يتبلغ به سواها - ثم لانت الحياة وهادنته صروفها فاستعادوا هدوءه فلما تجهم له وجههاً وثارت أعاصيرها وعاد إلى الزوج خوفه القديم. خوف الفقر وخوف الحياة. لم يلبث أن انهارت أعصابه واختل توازنه وخر صريعاً. . .

ويترك زوجته تجتر هذه الخواطر السود!! كيف ساغ عنده أن في وفاء حاجة الجسم غناء عن حاجة النفس. . . وهو لو عاش لكافحنا سوياً كان لنا في الكفاح على الإخلاص لذة فلمن تقول هذا واأسفاه!! والأذن التي تريد أن تسمعها ملؤها التراب. أنه الألم الدائم واليأس الذي رجاء فيه. . .

أرايت أن هناك جانباً من الجوانب لم يطرق في هذه الظاهرة؟ ورأى يمكن أن يستخلص وأغفل؟ وفلسفة اجتماعية أو أخلاقية أتيحت لها الفرصة ولم تقرر؟ بل لقد صور بنضرة بيانه، وحيوية أسلوبه، وغزارة هذه الظاهرة وعلى هذا الأسلوب الفني العلمي تقوم صورة ما قصه الدكتور علينا في هذا الكتاب، فهي نماذج ممتعة للذوق. بفنها وللعقل بسلامة منطقها. وموقظه للوعي الاجتماعي بما تتناوله من مشاكلنا الاجتماعية، فهو كتاب يرشحه لمصاف الأدب الحي اكثر من سبب

محمد عبد الحليم أبو زيد

دبلوم في التربية وعلم النفس ومدرس اللغة العربية بالمدارس

الأميرية

<<  <  ج:
ص:  >  >>