الشروع في السفرة البحرية - من الأستانة إلى الإسكندرية:
(وسرنا قبيل الظهر من (بشك طاش) إلى (قوم لي) والعقل من الفراق طاش، وبتنا في أكنافة وقد حفنا الله بالطاقة، ووجهنا دفة الانكسار إلى ناحية (بغاز حصار) وأقمنا الثلاثاء والأربعاء، وفي الإقامة نرجو السلامة لما الفؤاد وعا، ورحلنا عند يوم الخميس متوجهين إلى مسامته جزيرة (ساقز) ولم نقف عندها حتى أتينا (أستن كوي) وقاربنا حداها وأقمنا لدى (قره باغ) ثلاثة أيام، وسرنا في اليوم الرابع من خلف (رودس) بسلام، ودخلنا الإباحة ونحن في بسط وراحة، ودارك المولى بالعناية ومن بفضله بالرعاية، فطوى شقة المشقة الطويلة وجاد بإمداد مآثر جميلة. وكان صديقنا المجد السعيد الشيخ خليل أفندي أبو سعيد، مفتى الديار المقدسة حالا، أصلح الله منا ومنه مآلا وحالا، ممن نزل في المركب المذكور، طالبا المنزل المعمور، وصحبته الشاب النجيب الحميم السيد إبراهيم نجل المرحوم الشيخ موسى الفتياني منح التداني)
(وفي يوم الاثنين الحادي والعشرين من شهر رجب وصلنا الإسكندرية المحروسة ذات الوهب ولما وصلناها وحللنا فناها جاءنا أرباب المكس (الجمرك) والنكس، الذين قرب زوالهم دون لبث ومكث، لأنهم أهل وعقد ونكث، وفتشوا الأثواب ورموا البعض على التراب، فتغير الفؤاد، من فعل هؤلاء الأوغاد معنا ومع جملة العباد، ورجونا الولي الجواد بدفع هذه الأنكاد، عن أمة الهدى والرشاد، وتقريب زمن الإسعاد، بظهور نورد ممهد البلاد والأغوار والأنجاد، بجاه سيدنا محمد سند الأفراد وآله وصحبه الأجواد)
وصف الرحالة الأندلسي أبن جبير (لجمرك الإسكندرية) قبل
الشيخ البكري بخمسمائة وسبعين سنة!
لعل من الطريف أن نأتي هنا على ذكر ما قاله ابن جبير الرحالة الأندلسي، على جمرك الإسكندرية، فنرى أن الحال لم تتغير كثيرا في معاملة الوافدين على ثغر الإسكندرية، مع اختلاف العهدين:
قال أبن جبير في رحلته طبعة ١٣٢٦. ص - ٧ (شهر ذي الحجة من السنة المكورة (٥٧٨ هـ ١١٨٢ م) أوله يوم الأحد ثاني يوم نزولنا بالإسكندرية، فمن أول ما شاهدنا فيها