للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حنيفة ومنها ما يصب إلى الغرب ويجري في بطن الحور.

ومن جملة الأسباب التي تجعل خالداً يميل إلى سلوك الطريق الغربي قربه من قاعدة الحركات أي المدينة. فإذا ما نكب الجيش يصل إليه المدد من خلفه، وإذا ما تضايق يستطيع الإنسحاب إلى المدينة أو إلى مكة من بلاد أسد وغطفان، أو من بلاد بني عامر وهوازن. لذلك نجزم بأن جيش المسلمين سلك ذلك الطريق في مسيره نحو اليمامة.

معركة عقرباء

يقيناً أن معركة عقرباء من المعارك الفاصلة التي ختمت دوراً وفتحت دوراً آخر. فالمسلمون جمعوا أقصى قوتهم بقيادة أمهر قوادهم. والمرتدون حشدوا أعظم قوة في استطاعتهم جمعها في أوعر منطقة. فمجرى المعركة يدل على الغاية التي كان يستهدفها كل من الفريقين.

فلو انكسر المسلمون، لا سمح الله، في هذه المعركة، لبقي العرب منزوين في جزيرتهم، واحتفظ الأكاسرة بملكهم في العراق، ولم يبك هرقل ضياع سورية. فالنبي الكاذب أسود العنسي الذي سيطر على اليمن مدة من الزمن قتل غيلة، فلم يضطر المسلمون إلى حشد قوة كبيرة للتغلب عليه. أما بنو أسد فلم يكن الصعب التغلب عليهم لتفرقة كلمة القبائل. بيد أن في عقرباء احتشدت أعظم قوة من أمنع قبيلة في أرض مستحكمة، وكان الناس يقاتلون عن حيهم، ويتفانون في سبيل نبيهم.

ولما انتهت المعركة بانتصار المسلمين انكسرت مقاومة المرتدين في الأقطار الأخرى، ولم يلاق المسلمون صعوبات في تمكين الإسلام من قلوب أهلها، فخضعت البحرين، ودانت عمان ومهرة بدين الإسلام، وجددت حضرموت إسلامها، وعادت اليمن إلى حضيرة الإسلام. وكان من أثر ذلك أن اجتمعت كلمة العرب فشعروا بقوتهم فبادروا إلى الفتوح بقيادة رؤسائهم، فاندفعوا كالسيل الجارف يثلون العروش ويقضون على إمبراطورية الأكاسرة ودولة القياصرة، فلم تمر بضع سنوات على ذلك حتى كان العرب يصولون بخيولهم في بلاد خراسان شرقاً وبلاد المغرب غرباً.

يتبع

<<  <  ج:
ص:  >  >>