للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المفتونين بشعر إقبال وفلسفته، ومن حسن الحظ حقاً أنه مستكمل المدة لترجمة إقبال إلى العربية ترجمة تحافظ على روح الشعر من غير أضرار بالخصائص اللفظية وذلك لعمري ليس بالأمر الهين. إلا أن الله قد وهب الدكتور عزام ملكة قوية لقول الشعر بحيث أنه يقرض الشعر كما لو كان ينشد شعر غيره على التوالي، وهو يتمتع بقدرة فائقة على اللغة العربية - أعني العربية الفصحى التي يفهمها ويتذوقها (الأعاجم) - مع تعمقه في دراسة الفارسية والأردوية، أضف إلى ذلك أنه قد أحاط بجميع نواحي فلسفة إقبال وأدرك كنهها، وأخيراً يمتاز الدكتور عزام بأنه دائم التعطش ويعني بالاستزادة من كل مصدر أياً كان

وإذا فيعتبر تصدي الدكتور عزام لترجمة شعر إقبال استجابة لدعاء إقبال نفسه لأنه، رحمة الله، كان شديد الرغبة في إبلاغ رسالته إلى الأمة الإسلامية قاطبة، وقد صرح بأن هذه الرغبة هي التي حدت به إلى قول الشعر بالفارسية بدلاً من الأردوية في كثير من الأوقات، إلا أنه لم يكن في وسعه - وكم كان يأسف لذلك - أن يتحدث إلى العرب بلغتهم، والآن وقد وجد إقبال خير مترجم له في الدكتور عزام بك، فلنأمل أن يؤدي الاطلاع على أفكار اقبال وفلسفته إلى (وحدة القلب) تلك الوحدة التي هي أسمى وأفضل من (وحدة اللغة) - كما يقول إقبال - بين الشعوب الإسلامية المختلفة، ولعل الاطلاع على شعر إقبال أيضاً يبرز الحقيقة التي عبر عنها اقبال بقوله: أن (لا اله إلا) لا بد وأن يبقى كلمة غريبة ما لم يشهد القلب به، سواء في ذلك العرب والعجم كلاهما

وترجمة الدكتور عزام تفيض بإعجابه الشديد بإقبال وإيمانه القوي بالمبادئ التي نادى بها شاعر الإسلام، وانه لمن المدهش حقاً أن يتمكن المترجم لا من نقل الروح والمعنى فحسب، بل من تتبع الأصل فيما يتعلق بالشكل وديباجة الشعر أيضاً، والترجمة مذيلة بكلمة شعر طويلة للدكتور عزام بك يعرض فيها خلاصة وافية لتعاليم اقبال، ويبتهل إلى الله أن يكون انتشارها سبباً لإنقاذ العالم من محنته الحاضرة

ويختتم الأستاذ برويز كلمته بإهداء التهاني إلى شعب مصر الذي قام ممثله بإيجاد مثل هذه الحلقة المحكمة للربط بين العالم الإسلامي، تلك الحلقة التي هي أبعد أثراً من أية عهود ومواثيق سياسية لأنها ترمي قبل كل شيء إلى (وحدة الفكر) ووحدة الفكر هي الأساس المتين (لوحدة العمل) لا غير

<<  <  ج:
ص:  >  >>