أما الاتجاه الثاني فيعمل على توحيد هذه المفردات والمصطلحات والمشتقات والتعبيرات المستعارة في الحياة السوفييتية الجديدة بين مختلف اللغات القومية المحلية التي تعيش على النظام الأيديولوجي الجديد. ويجري هذا التوحيد في إطار قواعد نحوية وصرفية جديدة تشترك في اقتباسها هذه اللغات المحلية فتخلف فيما بينها تعبيراً مشتركاً، وبذلك تثبت دعائم النظام السوفييتي الجديد الذي وفر لها هذا التطور اللغوي.
ويقول ستالين أنه لولا توفر النظام اللغوي الجديد (أي الأيديولوجية السوفييتية) لما تيسر للغات المحلية أن تزيد ثروتها اللغوية من المفردات والمصطلحات والتعبيرات وقواعد الصرف والنحو المستحدثة، وستالين واثق من اليوم الذي يتم فيه تناسق هذه اللغات المحلية في إطار لغة الوطن الروسي الأكبر على أساس هذين الخطين اللذين شرحهما.
وستالين في دراسته الجديدة عن (الماركسية ومسألة اللغات) لا يقول بأفضلية لغة على أخرى بين لغات العالم الأكبر من حيث جمال اللفظ وسهولة النطق، وإنما يعتقد - استناداً إلى هذه الخطط التي شرحها - أن العالم سيأخذ في المراحل النهائية باللغة التي تحتوي على ذخيرة واسعة في المفردات والتعبيرات التي هي أقرب صلة بالحياة العملية الواقعية.
وهدف ستالين الرئيسي من بحثه هذا هو دعوة الكتاب والشعراء والفنانين السوفييت لأن يجعلوا تصويرهم للحياة أكثر تعبيراً عن الواقع حتى يضمنوا للغة الروسية مرونة وواقعية تحقق لها الفوز في سباق التفوق والسيادة بين لغات العالم.
وستالين في دعوته هذه يساهم شخصياً في محاربة هذه الظاهرة الجديدة في إنتاج روسيا الأدبي والفني في عالم ما بعد الحرب.
فالأيديولوجية السوفييتية لا ترضى عن مبدأ (الفن للفن وحده) وتعده من الأسباب التي تخدر الشعوب وتعمي قادة الفكر والدهماء فيها عن دقائق الحياة الواقعية ومشاكلها.
ولا تزال حملة المسؤولين الروس على هذه (الشعوبية) في الإنتاج الأدبي والفني على أشدها كما تشهد على ذلك ألوان الأدب والفن الروسي المعاصر التي تجد سبيلها إلى العالم الخارجي.