للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طرق لا رابطة بينها لحل المسائل العملية التي تستوجبها الحياة آنئذ، كمعرفة كون كل مثلث تتناسب أضلاعه فيما بينها كتناسب الأعداد: ٣، ٤، ٥ قائم الزاوية. فبإنشاء هذا المثلث يمكن الحصول على مستقيمين متعامدين. هذا وإن كثيراً من تلك القواعد تقريبي كما قلنا ليس له قيمة علمية؛ مثال ذلك أن المصريين كانوا إذا أرادوا مسح شكل رباعي ضربوا نصف مجموع ضلعين متقابلين منه في نصف مجموع الآخرين، مع أن هذا العمل لا يصح إلا في المربع والمستطيل، وكذا إذا أرادوا معرفة مساحة المثلث أخذ نصف جُداء أكبر أضلاعه في أصغرها.

وأما البرهان على تلك القواعد العملية فلم يروا في أنفسهم حاجة إليه، واكتفوا بالمشاهدة الحسية، ثم أخذوا بعد ذلك يبرهنون على المسائل ببراهين تجريبية تستند إلى الواقع، لا على المحاكمة المنطقية، أو على تمهيدات يقدمونها دون أن يبرهنوا عليها كأنها بديهية بنفسها، وقد بقيت طريقة البرهان مدة طويلة على هذه الحال.

وأما الحساب فأحرى أن يكون في صبغة عملية بعيداً عن الصبغة العلمية، إذ هو أكثر تجريداً من الهندسة، ولذا لم يتم منه حينئذ إلا ما مست إليه الحاجة في الحياة من القواعد البسيطة جداً التي تكاد لا تستحق أن يطلق عليها أسم قواعد إلا بالإضافة إلى عصرها، فكان المصريون إذا أرادوا ضرب عدد في ثلاثة أضافوه إلى ضعفه، أو في سبعة، أضافوه إلى ضعفه، ثم ضعفوا الحاصل وأضافوا العدد إليه، كما أن القسمة كانت بالطرح المتوالي، فلم يكن لهذه العمليات قواعد نظرية.

هذا مجمل حال الرياضيات في العصور القديمة، فلنبحث الآن بالتفصيل عما عرض لكل علم منها من الأطوار المتباينة من حين نشوئها إلى بلوغها تلك الدرجة العالية التي وصلت إليها في العصور الحديثة، ملاحظين في هذا البحث تقسيم العلوم الرياضية إلى ثلاثة أقسام.

(١) الرياضيات المشخصة، وتشمل الهندسة والميكانيك.

(٢) الرياضيات المجردة، وهي على قسمين:

(أ) ما يبحث في الكم المنفصل ويشمل علم العدد والجبر.

(ب) ما يبحث في الكم المتصل ويشمل الهندسة التحليلية وحساب التوابع وحساب اللانهايات

<<  <  ج:
ص:  >  >>