للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

العزيز القاهر سينصرنا حينئذ عليهم نصراً مبيناً، ويتولى هو أخذهم ما دمنا نتذرع بالإخلاص، ونتذرع بالإيمان والعزم. .

إن الزائر العابر لهذا المعمل الحكومي يعجب بما فيه من عدد وآلات، ومساحة واسعة، وبناء فخم ضخم، فيه بذخ وسخاء. كما جرت بذلك عادة حكومتنا السنية الرشيدة في عنايتها الكبيرة بالبناء والعمارة، ومبالغتها في تشييدها وتنسيقها. وتنظيمها إلى حد يخرج بها عن الغرض الذي بنيت من أجله، وبدل دلالة واضحة على المبالغ الكبيرة التي أنفقت عليه، والتي يذهب أكثرها إلى جيوب المرتشين من القائمين بكل عمل حكومي نظير تغاضيهم عن الأصول المرعية، والقواعد المرسومة، والاشتراطات الموضوعة، والمتفق عليها، والقوانين التي يجب أن تسود. .

وإن الزائر العابر يؤخذ بما يقال له من معلومات معسولة جذابة، وعبارات منمقة حماسية، كلما طاف باتجاه المعمل، وتجول في أرجائه ونواحيه. . معلومات تسيطر على حواسه، وتملك عليه جوانب نفسه، ويعتقد أن مصر سعيدة به إلى حد ليس بعده سعادة، ويخيل إليه أن إنتاجه يغمر البلاد بأسرها، ويسد حاجة مصر من هذه المواد الضرورية في مختلف نواحي الحياة من بنزين وكيروسين وديزل ومازوت وفزلين إلى غير ذلك من منتجات البترول، أو الذهب الأسود بعبارة أدق.! ولكن الواقع غير ذلك، إذ أن هذا المعمل بجلالة قدره لا يعمل للسوق. . هذا المعمل الذي تشرف عليه وزارة التجارة والصناعة لا ينتج للاستهلاك الشعبي، وإنما يعمل وينتج للمصالح الحكومية فحسب. ينتج البنزين والكيروسين والسولار والمازوت، ولا شيء غير ذلك، ومع هذا فإن جماع إنتاجه لا يكفي هذه المصالح، ولا يسد غير جزء يسير مما تحتاج إليه، والتي تمد يدها دائماً مستجدية معمل شل، وغيره بقية معامل العالم، فتستورد مقادير كبيرة تسد بها حاجياتها، وبخاصة مصلحة الميكانيكا والكهرباء التابعة لوزارة الأشغال.!

إن هذا المعمل الحكومي العظيم يعيش على فتات موائد معمل شل، أي أنه يكرر نصيب الحكومة في استغلال آبار البترول، ويقدر بحوالي خمسة عشر في المائة مما تخرجه هذه الآبار، وهي كمية أقل ما يقال فيها: إنها نصيب الخائب، المغلوب على أمره، والذي ليس له من الأمر شيء، إلا أن يسمع فيطيع. .!!

<<  <  ج:
ص:  >  >>