تحتفل الهيئات العلمية الألمانية بالذكرى الخمسينية لوفاة العلامة الطبيعي الألماني الفرد أدموند بريم، وقد ولد بريم في تيرنجن في فبراير سنة ١٨٢٩، وكان أبوه قساً يعنى بتربية الطيور ودرس خواصها، فنشأ ولده بريم شغوفاً بهذه الناحية من الدرس، وفي سن الثانية عشرة سافر إلى أفريقية مع البارون فون ميلر في رحلة علمية دراسية، ومر بالقاهرة يومئذ (سنة ١٨٤٧) فصادف بها الزلزال الشهير الذي وقع فيها عندئذ وكاد يهلك؛ ثم سافرت البعثة إلى النوبة والسودان، واصطادت كثيراً من الحيوانات المختلفة؛ وعكف بريم على دراسة خواصها المادية والروحية، وفي أثناء عوده إلى القاهرة كانت بعثة (لبوبة) الشهيرة (بجيته) فكان يطوف بها الشوارع ذلولاً مطيعة، ثم عاد بريم من القاهرة بعد عامين إلى السفر مرة أخرى مع أخيه وزميل آخر، واعتزموا اختراق السودان حتى منابع النيل، ولكن البعثة كانت غير موفقة، إذ غرق أخوه في النيل، ونفدت موارد البعثة، وعندئذ أمده حاكم السودان لهتيل باشا بشيء من المال ليتابع رحلته على ضفاف النيل الأزرق، وهناك اصطاد كثيراً من الحيوانات وأنفق نحو خمسة أعوام في هذه الرحلة، واكتشف فيها كثيراً من الحقائق العلمية؛ ثم عاد إلى ألمانيا، وانكب على دراسة العلوم الطبيعية؛ ونال إجازة الدكتوراه من جامعة بينا في علم الحيوان سنة ١٨٥٦ وانتخب عضواً في الأكاديمية البروسية الملكية، وأخذ منذ ذلك الحين يكتب عن حياة الحيوان؛ ثم قام برحلة في أسبانيا، وأخرى في لايلاند وجزائر لوفوثن؛ ثم قام برحلة أخرى في شمال الحبشة في سنة ١٨٦٢، وكتب كتباً عن هذه الرحلات والمباحث كلها. ولما عاد إلى ألمانيا كتب مع زميلين له كتاباً مصوراً عن حياة الحيوان في ستة مجلدات اختص منها هو بأربعة؛ وعين مديراً لحديقة الحيوانات في برلين وهمبورج مدى حين. ولكن شغف البحث حمله مرة أخرى، فسافر إلى سيبيريا الشرقية، وكاد يهلك في هذه المرة، وسافر إلى أمريكا الشمالية سنة ١٨٨٣، ولما عاد إلى ألمانيا لم يمكث طويلاً حتى توفي في ١٠ نوفمبر سنة ١٨٨٤.
وكتاب بريم عن حياة الحيوان من أشهر الآثار وأقيمها في هذا الموضوع، وهو يعتبر أستاذ موضوعه في العلم الألماني؛ ولم يسبقه، بل ولم يأت من بعده أحد استطاع مثله أن ينفذ إلى روح الحيوان وإدراكه، وقد ترجم أثره إلى جميع اللغات.