صاحب المعمل أو المصنع، فما ضرنا لو صوبنا قذائفنا إلى صدر هذا التاجر الإنجليزي وعرقلنا دواليب مصنعه عن الدوران وعطلنا أيدي العمال عن الحركة؟
المسألة بسيطة جدا، وإن تنفيذها ليتوقف على معيار وطنية التاجر المصري، وعلى إيمانه بحق بلاده وقومه في الحياة المستقلة، وعلى رغبته الصادقة في محاربة الاستعمار والانتصار على المستعمر، فإذا توفرت الرغبة وجاش الإيمان والوطنية في صدر التاجر المصري، فما عليه إلا إبلاغ التاجر الإنجليزي أو الوسيط (القومسيونجي) إلغاء جميع ما طلب من بضائع وإيقاف تصديرها
وزيادة في الإيضاح أقول: إن التاجر المصري الذي يستورد بضاعته من إنجلترا واحد من أثنين:
الأول يستورد من صاحب المعمل رأساً بغير وسيط
والثاني يشتري أو يوصى على طلبه بواسطة (القومسيونجي)
معلوم أن معظم رجال القومسيون إما من الغربيين وقد أبدوا لرئيس الحكومة عطفهم على قضيتنا، وإما من المتمصرين وهؤلاء لا شك في معاونتهم إياها وشد أزرنا في حربنا، فما ضر هؤلاء أن يتحدوا مع التاجر المصري فيبلغوا التاجر أو صاحب المعمل الإنجليزي إلغاء جميع الطلبات وإبطال جميع الصفقات وإيقاف جميع التوصيات التي قامت بين التاجر المصري والتاجر الإنجليزي؟
لمثل هذا الاقتراح سوابق كثيرة في أسواق التجارة، ولا معنى مطلقاً للقول. بأن (التجارة حرة) في موقف مثل موقفنا من الإنجليز اليوم، ولا اعتراض ألبتة على الغرف التجارية إذا توسطت في إقناع الوسطاء (القومسيونجية) ليقفوا إلى جانب التاجر المصري المحارب في سوق الاقتصاد، ولا ملامة على وزارة التجارة إذا ضغطت على التجار والقومسيونجية وأجبرتهم إجباراً على إلغاء طلباتهم من البيوتات الإنجليزية
إن إلغاء طلباتنا من إنجلترا لا يصيب تجار التجارة الإنجليزية بخسارة تقدر بخمسين مليوناً من الجنيهات فقط، بل يكسب مصر ضجر التاجر الإنجليزي وصخبه وتحامله على حكومته لأنها أقفلت أبواب سوق من أسواقها الغنية في وجه تجارتها
ومعلوم أيضاً أن الإنجليزي في بلاده يقتر في معيشته كل التقتير، ويعيش على الكفاف