للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشعب الأمريكي شعب محب للسلام!

إن الأمريكي بفطرته محارب محب للصراع. وفكرة الحرب والصراع قوية في دمه، بارزة في سلوكه؛ وهذا هو الذي يتفق مع تاريخه كذلك. فقد خرجت الأفواج الأولى من أوطانها قاصدة إلى أمريكا بفكرة الاستعمار والمنافسة والصراع. قال بعضهم بعضا وهم جماعات وأفواج. ثم قاتلوا جميعاً سكان البلاد الأصليين (الهنود الحمر) وما يزالون يحاربون حرب إفناء حتى اللحظة الحاضرة. ثم قاتل العنصر الأنجلو سكسوني العنصر اللاتيني هناك، وطرده إلى الجنوب في أمريكا الوسطى والجنوبية، ثم حارب المتآمر كون أمهم الأولى إنجلترا في حرب التحرير بقيادة (جورج وشنطن) حتى نالوا استقلالهم عن التاريخ البريطاني. ثم حارب الشمال الجنوب بقيادة (ابراهام لنكولن) تلك الحرب التي اتسمت بسمة (تحرير العبيد) وإن كانت دوافعها الحقيقية هي المنافسة الاقتصادية. ذلك أن العبيد المستجلبين من أواسط أفريقية ليعملوا في الأرض رقيقاً، لم يستطيعوا مقاومة الطقس البارد في الشمال، فنزحوا إلى الجنوب. وكان معنى هذا أن يجد المستعمرون في الولايات الجنوبية الأيدي العاملة الرخيصة، على حين لا يجدها الشماليون، فيتم لهم التفوق الاقتصادي؛ لذلك أعلن الشماليين الحرب لتحرير العبيد!

وانقضت فترة العزلة، وانتهت سياستها، عندما دخلت أمريكا الحرب العالمية الأولى، ثم اضطلعت بالحرب العالمية الثانية. ثم ها هي تنهض بالحرب في كوريا، والحرب العالمية الثانية ليست بالبعيدة! ولست ادري كيف راجت تلك الخرافة العجيبة عن شعب هذا تاريخه في الحروب؟

إن الحيوية المادية عند الأمريكي مقدسة، والضعف - أيا كانت أسبابه - جريمة. جريمة لا يغتفرها شيء. أو كن ضعيفاً فل يسعفك مبدأ، ولا يكون لك مكان في مجال الحياة الفسيح. أما الذي يموت فيرتكب بالطبع جريمة الموت ويفقد كل حق له في الاهتمام أو الاحترام، ليس أنه قد مات؟

كنت في مستشفى (جوج واشنطن) في واشنطن العاصمة وكان الوقت مساء حينما غمرت جوه موجة من الاضطراب غير معهودة، وبدت فيه حركة غير عادية تستلفت النظر. وأخذ المرضى القادرون على الحركة يغادرون أسرتهم وحجراتهم إلى المماشي والأبهاء

<<  <  ج:
ص:  >  >>