قلت: (أصبت. . .)
قالت: (مسكين!. . لعلها هذه) وأشارت فالتفت فإذا فتاتي - أعني الفتاة التي تفضلت عليها بمظلة صاحبي، فقلت:
(اخفيني عنها لحظة حتى تمر. . . تظاهري بأنك صديقتي دقيقة واحدة. . أرجو)
فضحكت وقالت: (لماذا تخشاها؟ هل خنت لها عهداً؟ لا بأس. تعال)
ووضعت ذراعها في ذراعي وهممنا بأن نسير، وإذا بفتاتي تصيح ورائي:
(من فضلك. . . من فضلك. . . ألا تذكرني. . إني مدينة لك بالشكر، لقد تركتني فجأة كما ظهرت لي فجأة، فلم أدر أين اختفيت، فهل تسمح لي باسمك وعنوانك لأعيد إليك المظلة؟)
فقلت: (هذا شيء تافه. . . لا تفكري فيه)
قالت (ولكني لا أستطيع أن أبقيها عندي وأحرمك)
قلت: (ثقي أنك لا تحرميني شيئاً فأنها ليست لي، بل لصاحب)
قالت: (ما أرقه!)
قلت: (إنه على نقيض ذلك. . أبعد ما يكون عن الرقة)
قالت: (هذا أدعى لردها إليه)
قلت: (لقد انتهى الأمر. سرقت مظلته وأعطيتك إياها، وعرف ما كان، وغضب وشال نفسه وحطها، ولم يبق هناك شيء آخر يمكنه أن يصنعه، فلا تكترثي له ولا تفكري فيه)
قالت بعطف: (مسكين!)
قلت: (لقد كنت أنا المسكين، وكانت هذه المظلة تفقأ عيني كلما رأيتها، فالآن أمنت، وفي وسمي أن ألقاه وأنا مطمئن، من غير أن يؤذي بصري منظر المظلة)
قالت وهي تضحك: (على كل حال لابد من ردها إليه ولك وله الشكر)
فكتبت لها الاسم والعنوان، ولم يفتني أن أحذرها من مقابلته، ولم يبق بعد ذلك ما يقال، فهممت بتوديعها وإذا برجل همٍ هرم يدنو مني وينظر إلى الزهرة التي على صدري ثم يقول وهو يفرك كفيه:
(هل سمعتك تقول لا مطر غداً!)
فحدقت فيه متردداً، ثم رفعت يدي إلى الزهرة فأخرجتها من العروة ورميتها على الأرض،