مجتمعاً فيها ينتظر أمر الحركة. وقضى خالد مدة قصيرة في البطاح يترقب ورود المدد من المدينة، فكانت القبائل تمد جيشه برجاله، فالتحق به رجال من بني أسد وتميم وبني عامر، وكانت الأخبار ترد إليه من اليمامة منبئة بأحوالها. وآخر من وصل إليه ابن عمير اليشكري فأطلع خالداً على جلية الأمر في اليمامة.
ساحة القتال
اختار مسليمة موقع عقرباء لجيشه، وهذا الموقع على الحدود الفاصلة بين اليمامة وبلاد بني تميم، وهو مفتاح لموضع من أخطر المواضع السوقية بين مقاطعة العارض ومرتفعات المحمل وجبل طويق
وبالقرب من هذا الموقع تقوم قرية جبيلة الحديثة، وقد بحث فيه (فلبي) في كتابه الآنف الذكر قال: (وإذا تأملت الوادي (أي وادي حنيفة) عند جبيلة - وجبيلة هذه أحد منازل بني حنيفة من قديم الزمان، وإليهم نسب الوادي وفي سمائه أرتفع لواء صيتهم فسمي بوادي حنيفة - لألفيته وهدة من الأرض قريبة القرار، واسعة الجوانب، تكتنفها المهابط المطمئنة الجرداء من كل حدب وصوب، وللوادي عقيق يضيق شيئاً فشيئاً حتى تراه قد غاض في بطن مجرى نشزت على ضفافه الطنوف الشواخص على النحو المتقدم وصفه. فالقرية أذن مفتاح لموضع من أخطر المواضع السوقية وأعظمها شأناً، واقعة بين مساكن العارض ومرتفعات المحمل وطويق. وقيل في هذا المكان وقعت معركة فاصلة من معارك التاريخ الإسلامي، دارت فيها رحى القتال بين أصحاب النبي وبعض المؤمنين من رجاله، وبين مسيلمة نبي حريملة الكذاب وقواته، وكان النصر فيها حليف المسلمين بعد أن خسروا آنئذ في سبيل دينهم القويم نحو سبعين من نخبة الصحابة، وهم الرجال الخلص الذين اصطفاهم النبي فأودع في صدورهم تعاليمه الشفوية. .) إلى أن قال: (لا تزال قبور الصحابة الذين استشهدوا في تلك المعركة ظاهرة إلى يومنا هذا، مهجورة في منبطح من غرين نهر عميق صفا ماؤه واقع على مقربة من القرية. وقد رأيت القبور أيام زيارتي لها ومروري بها وقد بليت وتحاتت بتأثير الزوابع وفعل الأعاصير، وقد نجم عن ذلك أن تفتحت جوانب الكثير منها، فظهرت فيها ثُغر فاغرة أفواهها نحو الوادي. ولم يزد ارتفاع الرسوب الغريني على ثلاث أو أربع أقدام فوق القبور. فلنا إذن من ذلك أحد الأمرين: إما أن الغرين قد رسب من