الاتهام الباطل. وكان أن ناصبني العداء هؤلاء المدعون الثلاثة: مليتس، وأنيتس، وليقون. فقد ناهضني مليتس ليمثل جماعة الشعراء، وأنتيس ليمثل طبقة الصناع، وليقون ليمثل الخطباء. وأنني كما قدمت لا آمل في أن أمحو في لحظة كل ما علق بي من تهم باطلة. أيها الأثينيون! لقد رويت لكم الحق كل الحق، لم أُخف شيئاً، ولم أشوه شيئاً، ومع هذا فأنا أعلم أن صراحتي في الحديث ستصدكم عني، وما هذا الصد إلا برهان على أني أقول الحق. تلك هي دعواهم وذاك منشؤها، ولن تسفر هذه المحاكمة ولا أية محاكمة مقبلة عن غير هذا
حسبي هذا دفاعاً للفريق الأول من المدعين. وهأنذا أتوجه الآن بالحديث نحو الطائفة الأخرى وعلى رأسيهم مليتس، ذلك الرجل الطيب، الوطني، كما يقول عن نفسه. وسأحاول أن أدفع عن نفسي ما أتهمني به هذا الفريق الجديد. وجدير بنا أن نبدأ بتلخيص دعواهم، فماذا يزعمون؟ إنهم يقولون: أن سقراط فاعل للرذيلة، مفسد للشباب، كافر بآلهة الدولة، وله معبودات اصطنعها لنفسه خاصة. تلك هي دعواهم، وسبيلنا الآن أن نناقشها تفصيلاً.
أما الزعم بأني فاعل للرذيلة مفسد للشباب، فأنا أقرر أيها الأثينيون عن هذا الرجل مليتس، أنه هو صاحب رذيلة. ورذيلته أنه يتفكه حيث يجب الجد، وهو لا يرى غضاضة في أن يسوق الناس إلى ساحة القضاء متستراً وراء الحماسة المصطنعة والاهتمام المتكلف بأمور لا تعنيه بشيء؛ وسأقيم لكم الدليل على صدق هذا
- اقترب مني يا مليتس لألقي عليك سؤالاً. هل تفكر طويلاً في إصلاح الشباب؟
- نعم، إني أفعل
- أذن فقل للقضاة من هو مصلح الشبان، فأنت لابد عالم به ما دمت قد عانيت آلاماً في اكتشاف مفسدهم، فها أنت ذا قد سقتني إلى القضاء متهماً. تكلم إذن وقل للقضاة من هو مصلح الشبان. وما لي أراك يا مليتس لا تحير جواباً؟! أفليس هذا دليلاً قاطعاً، مزرياً بك، يؤيد ما ذكرته من أن أمر الشبان لا يعنيك في شيء؟ تكلم يا صديقي وحدثنا عن مقوم الشباب!
- هي القوانين
- ولكن ليست القوانين هي ما عنيت يا سيدي، إنما أردت أن أعرف ذلك الشخص الذي