فإذا رأى فبعين أعمى ما يرى ... وإذا سرمى فبمهمه لا يهتدي
وإذا تغنى أطربت نغماته ... أذن السماء بغير حاد منشد
وإذا بكى أبكى القلوب نواحه ... شجواً وأسهد عين من لم يسهد
وإذا تهامس كان برقا خاطفا ... من دون صخاب العواطف مرعد
وإذا استحال إلى الضلال فما له ... هاد ولا لضلاله من مرشد
وظللت دون لجاج نفسي ساهما ... حيران بين تلهفي وتنهدي
تمضي الليالي في ضلالة حيرتي ... ما بين إقدامي وبين ترددي
أأطيع قلبي في جديد هيامه ... وأعود من حيث انتهيت فأبتدي
والحب ينميه اللجاج فإن طغى ... ما إن يصيخ لناقد ومفند
ولبثت أرقب من أضلني الهوى ... فيها ولم يوه الزمان تجلدي
حتى أحست من حديثي لهفة ... وتبينت ولهى وصدق توددي
عجبت وما عجب إذا ما ساءلت ... يوما غرور شبابها عن مقصدي
ماذا دهى الشيخ الوقور فإنه ... خلع الشباب وكنت لما أولد
ولمست ما تخفيه في ضحكاتها ... ولبثت أطرق باب قلب موصد
حتى ملكب قيادها في ساعة ... مهدتها بالصبر كل ممهد
واعدتها سرا فلم تجفل ولم ... ترفض ولم تخلف أوان الموعد
وأتت كأن بها الذي بي من جوى ... تختال كالطاووس فيما ترتدي
في ليلة قمراء أسرف بدرها ... في النور إسراف الكريم الجيد
وسرى على هام النجوم فطأطأت ... من بعد عزتها لهذا السيد
يجري وما تدري النهى المقصد ... يجري وما هو كنه هذا المقصد
فإذا تداركه الونى في سعيه ... ركب السحاب ركوب مضني مجهد
وكأنما تحدوه لهفة عاشق ... للقاء مشتاق له مترصد
فمضت به قطع السحاب بموكب ... متهدج في مقلة المتفقد
حتى إذا بلغت به أقصى المدى ... وإنجاب عنه ركامها المتلبد
ألفيته يعدو كمن فقد الهدى ... أو من تلفت من غريم معتد