للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الذين يحملون العبء بجلد المؤمن وصبر المجاهد. لنترك هؤلاء جانبا لنطالب - أستغفر الله - فأني كدت أطاوع قلمي فيسطر مطالبة الأغنياء بأن يمدوا يد المعونة إلى عائلات الشهداء أو إلى مساندة رجال الكتائب الفدائية، ولكني أستدرك هذا الأمر العظيم لعلمي بأن أغنياءنا - حفظهم الله - قد استنفذت مصا يف أوربا وموائدها الخضراء والحمراء في صيف هذا العام أكثر ما ربحوه من بيع أقطانهم، وأن ما تبقى لهم من أثمان محاصيلهم الأخرى قد تسدد مطالبهم الضرورية من إشباع المعد وإمتاع الجسد وسواهما، ولكني أطالب طبقة متوسطي الحال من موظفين وتجار وأطباء ومن يضارعهم ومن السيدات والآنسات من الطبقة الوسطى أيضا، إني أطالبهم بل أطلب منهم أن يلقوا نظرة على صوان ملابسهم فيجدون فيه أكثر من بدلة واحدة لفصل الشتاء وأكثر منها لفصل الصيف؛ أما السيدات فإن لديهم فساتين لكل فصل وكل صبح وكل مساء وحفلات. فما ضر هؤلاء السادة والسيدات لو عقدوا العزم الاكتفاء بما لديهم من ملابس؟ ما ضرهم لو صمموا فيما بينهم وبين نفوسهم على الاستغناء عن الكماليات فضلا عن الضروريات؟ ما ضرهم لو يعلنون هذا التصميم على الاكتفاء بما لديهم من لباس بين إخوانهم ومعارفهم وأندادهم فتسري عدوى حب المقاطعة الأجنبي بين الجميع؟

ليس عارا أن أظهر أمام الناس ببدله واحدة ألبسها طوال العام، ولكن من الحقارة لنفسي أن أعمل عملا واحدا يشعرها بأني أشارك جميع طبقات الشعب في إظهار العداء لمغتصبي بلادنا، وسارقي خيرات أرضنا، وقاتلي أولادنا.

إن قرشا واحدا أضن به على الإنجليزي إنما هو لقمة أنتزعها من حلقه، فما بالك بستين مليونا من الجنيهات تدفعها مصر ثمنا لبضائع تشتريها من مصانع الإنجليز؟

ليس في الطبقة الوسطى والحمد لله من مستوزر أو طامع بكرسي الوزارة حتى يجن جنون ذلك الرجل الذي قيل لنا أنه لما نزلت به نازلة الوزارة وتبوأ أريكة الحكم ذهب إلى أحد مشاهير الخياطين فأمره أن يخيط له ستين (بدله).

أي والله ستون بدله اشتراها صاحب المعالي لأن مقام الوزير لا يبرز في العظمة إلا ببدلات تستبدل في ساعات الصباح والمساء مرة ومرات!!

لي كلمة أخرى وأخرى أوجهها إلى الأطباء والصيادلة وتجار المستحضرات الطبية

<<  <  ج:
ص:  >  >>