للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بخاطري دون أدنى انفعال: (هنا سيعلن خبر موتي أنا الآخر بعد أيام قلائل) بل وددت لو أشكر سلفا هذا الباب الذي سيعلن نعي في هذه الصحيفة وعلقت عيناي بخبر انفراد بعلامة الصليب في صدره فقرأت فيه (وجدت بالأمس جثة جوسو جاكوبسن - أمريكي الجنس معلقة في إحدى شجرات النخيل الذي ينمو على الشرفة وقد وجد في جيبه مبلغ ثلاثة آلاف فرنك طبعا).

جوسو جاكوبسن؟ أني أعرفه. بل لقد خسرنا كل نقودنا جنبا إلى جنب. وبالأمس القريب حينما خسر آخر فلس معه رأيته يتنهد في عنف وحسرة، ثم أمسك بيدي وهزها بحرارة ونظر إلي بحزن ثم ابتسم وقال بصوت خفيض (لقد دمرت. . . دمرت تماما. . . وداعا يا صديقي). . . ومن ثم ذهب فشنق نفسه.

إذن، كيف أمكن أن يعثروا في جيبه على ثلاثة آلاف فرنك وماذا تعني بحق الشيطان هذه الكلمة (طبعا).

ولاح لي قبس كشف لي الأمر وأبان الطريق. . يالي من غبي! كيف لم أفطن إلى ذلك من قبل. . . لقد دس - ولا ريب - أصحاب الكازينو هذا المال في جيبه لتظليل الناس وحملهم على الاعتقاد أن انتحاره لا يرجع ألبته إلى خسارته بل إلى أسباب شخصية ودوافع نفسية.

وعلى ضوء هذا الاكتشاف الفجائي رحت أفكر! كم يا ترى يدسون في جيبي إذا حزمت أمري وانتحرت على مقربة من الكازينو؟ لقد خسرت بقدر ما خسر جاكوبسن. . . وسربت إلى رأسي فكرة بأسرع مما كان مقدرا أن تسرب الرصاصة.

ثم واصلت تناول الطعام بقلب ثابت أو يكاد يكون ثابتا؛ وذهبت بعدئذ إلى صاحب الفندق وأكدت له أني سأدفع له حسابه في المساء ثم أضفت:

هذا إذا بقيت حيا. .

- إنا نثق فيك كل الثقة يا سيدي.

- إذن فأقرضني مائة فرنك حتى المساء. . . إني أنتظر وصول مال من باريس.

- بكل سرور يا سيدي

وقضيت سحابة النهار على الشاطئ حيث وضعت - بروية وإمعان - خطة انتحار يعود

<<  <  ج:
ص:  >  >>