- يسرني أن أحصل منك بعون المحكمة على هذا الجواب، ولكنك قد أقسمت في دعواك أنني أثق وأعتقد في رسل روحية إلهية وسواءً أكانت تلك الرسل قديمة أم محدثة، فأنا على أية حال أومن بها كما قلت وأقسمت في صحيفة الدعوة. ولكن إذا كنت أعتقد بموجودات آلهية، أفلا يلزم أن أعتقد بالأرواح وأشباه الآلهة التي بحثها؟ أليس هذا حقاً؟ ما لي أراك صامتاً؟ أن الصمت معناه الرضى. فما هذه الأرواح وأشباه الآلهة؟ أنها أما أن تكون آلهة، أو أبناء آلهة، أليس كذلك؟
- نعم هو كذلك
- وإذن فهذا موضوع التناقض المحبوك الذي أشرت إليه، فأشباه الآلهة أو الأرواح هي آلهة، وقد زعمت عني أول الأمر أني كافر بالآلهة، ثم هاأنت ذا تضيف أني مؤمن بها، لأني مؤمن بأشباها. ولا يضيرنا أن تكون هذه الأشباه أبناء للآلهة غير شرعيين، فسواء أعقبتها الآلهة من الشياطين أو من أمهات أخريات كما يظن، فوجودها يتضمن بالضرورة - كما ترون جميعاً - وجود آبائها، وإلا كنت كمن يثبت وجود البغال وينكر وجود الجياد والحمير. لا يمكن أن يكون هذا الهراء يا مليتس إلا تدبيراً منك لتبلوني به، ولقد سقته في دعواك لأنك لم تجد حقاً تتهمني به. ولكن لن يجوز على من يملك ذرة من فهم، قولك هذا بأن رجلاً يعتقد في أشياء إلهية، هي فوق مستوى البشر، ولا يؤمن في الوقت نفسه بأن هناك آلهة وأشباه آلهة وأبطالاً. حسبي ما قلته رداً لدعوى مليتس، فلا حاجة لي إلى دفاع قوي بعد هذا، ولكني كما ذكرت من قبل لابد أن يكون لي أعداء كثيرون وسيكون ذلك دافعي إلى الموت لو قضى علي به، لست أشكو في هذا، فليس الأمر قاصراً على مليتس وأنتيس، ولكنه الحقد الذي يأكل القلوب، ويغري الناس بتشويه السمعة، فكثيراً ما أدى ذلك برجال إلى الموت، وكثيراً ما سيقضي بالموت على رجال، فلست بحمد الله أخر هؤلاء
سيقول أحدكم: إلا تخجل يا سقراط من حياة تؤدي بك إلى موت مباغت، وعلى ذلك أجيب في رفق: أنت مخطئ يا هذا، فإذا كان الرجل خيراً في أي ناحية منه، فلا ينبغي أن يتدبر أمر حياته أو موته، ولا يجوز أن يهتم إلا بأمر واحد، وذلك أن يرى هل هو فيما يعمل مخطأ أم مصيب، وهل يقدم في حياته خيراً أم شراً. أترى أذن أن الأبطال الذين سقطوا في