وانساب نحونا، في كسل، بعض السفن العربية الهبيطة تدفعها مجاديف نوتينها من العرب. فابتدأت من تلك الساعة همتنا الشاقة في الاحتفاظ بسياراتنا على ظهرها حتى نصل بها إلى الساحل. إن ثبات هذه السفن الشراعية على وجه الماء كثبات الزوارق المصنوعة من لحاء الشجر، حتى لقد كدنا نفقد إحدى سياراتنا، فقد اندفعت على حين غرة من جانب السفينة إلى الجانب الآخر فقطعت الأمراس التي كانت تشدها، وبدأت تميل بالسفينة لو لم يتداركها أحدهم بحبل ثم رفعناها بالآلة الرافعة. وكانت الحواجز التي تحتم على ذلك النهار إزالتها من الطريق في الجمرك ابلغ خطراً. فقد كانت السلطات العدنية تدرس مشروعاً لشق الطرق في البلاد، فطلبوا منا المساهمة في تمويل المشروع لقاء السماح لنا بالدخول.
قلت موجها حديثي لجيهان خان الهندي، سكرتير المالية لحكومة المكلا:(لا بأس! فكم تريدون؟)
فنظرت إلى رفيقي شارلس انجي وقلت:(معنى ذلك ٥٠ , ٠٠٠ دولار أمريكي إننا لا نملك هذا المبلغ، فما يريد أن يفعل به؟ أيريد أن يوفد بعثة أخرى من قبله بذلك المبلغ كله؟)
فضحك انجي، وتوصلنا بعد سيوعات إلى حل مرض، فإن حكومة المكلا يرضيها أن نقدم لها هراسة بخارية أو ممهدة للطرق. ومع ذلك فلم يكن لدى أي واحد منها في ذلك الحين. فقنع جيهان خان بتعهد كتابي مني. ويسعدني القول إنني استطعت تحقيق ما جاء في هذا الفصل بفضل هذا التعهد. ثم تشرفنا بعد الظهر من ذلك اليوم، وكان يوم الاحد، بزيارة صاحب السمو السر صالح صالح بن غالب القعيطي. سلطان الشحر والمكلا، وأكبر زعماء الجانب الشرقي من المحمية، فدعانا للعشاء على مائدته تلك الليلة. ولن أنسى ما حييت، وقوفي إلى جانب سموه اقدم له أفراد البعثة. إن السلطان شديد الاهتمام بالأمور المالية، وه يتكلم الإنكليزية ويؤلف في الفلسفة، والعلم، والدين، ويحب الأدوات الحديثة، وقد جهز قصره بالنور الفلوريسيني. وبمسجل للأصوات. ولما كنت جالساً بجانب سموه على مائدة الطعام، كان سؤاله الأول موجهاً إلي، وقد نزل على رأسي، فقد أراد أن يعرف، من بين