للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وأن تلتزم قواعد وحدودا، ولا سيما وليس عندنا معاهد للنوابغ ترعى نبوغهم. وتحرص على توجيههم.

أنظر إلى نتاج تجارب زكي مبارك فيما قاله في الجزء الثاني من كتاب ليلى: -

(أنا أشرب المر من عصير الحياة لأحيله على سنان القلم إلى شراب سائغ للشاربين) إن هذا القول يدل فعلا على أن الدكتور زكي قد ضحى بنفسه في سبيل غيره

قابل قوله هذا بقول من قال:

لا أذود الطير عن شجر ... ذقت (طعم) المر من ثمره

لترى مقدار تضحية زكي، ومبلغ أنانية غيره. لقد أوذي زكي مبارك في سبيل النقد الأدبي. . . والنقد في الشرق ليس بمستساغ، ولا يقبل على أحسن وجوهه.

لهذا حمل زكي أعصابه فوق طاقتها، وظلم وقته ونفسه؛ فهل ولكنه بئس؟ كلا، وإنما أفلت زمام نفسه من يده في أحد أطرافه، ولكنه قبض تماماً على باقي نواحي نفسه الذكية السامية.

استمع لبعض ما قال عن النواحي الإنسانية في الرسول حيث تتجلى فلسفته، وتنجلي عبقريته في إحدى مقالاته الفريدة:

١ - (يا محمد إنك إنسان ونبي، والنبوة عهد من عهود العظمة الإنسانية، إنك آية من آيات التاريخ.

٢ - أحبك أيها الرسول لأنك كنت إنساناً له ذوق وإحساس، ولم تكن كما يصورك الجاهلون الذين رأوا عظمتك في أن تكون حاليا لوحي السماء - وما أنكر وحي السماء - ولكني أمن بأن في السريرة الإنسانية ذخائر من عظيم الصدق والروحانية، وأنت أول من أعز السريرة الإنسانية.

٣ - أحبك أيها الرسول وأشتهي أن أتخلق بأخلاقك السامية، وأحب بنوع خاص أن أوفر من الشيطان كما فررت منه. . حتى أسلم بجهادي من شهوات النفس كما سلمت بجهادك من شهوات النفس.

٤ - أحبك لأنك أعززت الشخصية الإنسانية يوم اعترفت بأنها صالحة للخطأ والصواب.

ولكن ما رأيك فيمن يقاومون الحرية الفكرية باسم الغيرة على دينك؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>