للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحياة، وهي أن الإنسان لا بد له من الكذب والنفاق ليساير الناس ويواكب الحياة، فحين تنكشف حقيقة كل منهما للآخر فتبين إفلاس الغنى، وتنجلي ظروف الفتاة بذهاب الثروة التي كانت تظاهر بها، ويعرف كل منهما أن صاحبه كان يكذبه ويخدعه - يقوم فواز بك بهمته في إقناعها بأن ما كان منهما لا بأس به ولا ينبغي أن يؤدي إلى القطيعة بينهما ويخلي لهما المكان ليتفاهما. فيتفاهما عملا بفلسفة فواز بك، بل هما أكثر من ذلك يشعران بانتهائهما إلى تبادل شعور المودة، فيحمدان الكذب الذي تبادلاه أول الأمر إذ كانت نتيجته الحب. . . وتلتقي فلقتا الستار وهما في جحيم من القبل. . .

هل لهذه المسرحية موضوع؟ لا أريد أن أجرم بشيء من ذلك. يخيل إلى أولا أنها (رد فعل) للفن الوعظي الصارخ الذي يشتمل على الخطب ويعتمد على التأثير بالافتعال والمفاجآت.

وتيمور قصاص هادئ يرقب الحياة في سكون ونفاذ، ويتمثل ذلك على أكمله في هذه المسرحية التي يقدم بها أشخاصا ينتزعهم من الحياة كما هم ويدفع بهم إلى المسرح ليأتوا من الأفعال والأقوال ما يأتون في الحياة، وأحسب أن شخصية (فواز بك) تعكس بعض صفات المؤلف نفسه. .

والمسرحية ليس فيها صراع، فلا يأتي شوق المشاهد وتتبعه لما يجري فيها - لا يأتي ذلك من أحدث يتوق إلى أن يعرف كيف ينتهي، وإنما يجتذب المشاهد عرض التصرفات التي يراهامطابقة لما يجري في المجتمع، وطلاوة الحوار وما فيه من دعابات وإشارات إلى حقائق في النفوس الإنسانية.

وإذا كان لا بد من تلمس الموضوع فلا أجده إلا في هذه الفلسفة الواقعية التي تنطبق بها أفعال الأشخاص وأقوالهم، وكأنهم يقولون: ها نحن أولاء ناس من الناس نفعل ما تسوق إليه دوافعنا البشرية ولا يغنينا أن توصف أعمالنا بخير أو شر.

وكأني بالمؤلف يقول: إلى متى نظل نكذب ولا نستطيع أن نعيش بغير كذب، وليقل من يقول على المنابر، وليكتب من يكتب على الأوراق، في فوائد الصدق ومضار الكذب، ما يشاء، ولنقصد نحن إلى الواقع، وهذه هي نتيجة الكذب. . . الحب. . .

ومن مظاهر التوفيق في إخراج المسرحية ما قام به مخرجها الأستاذ زكي طليمات من

<<  <  ج:
ص:  >  >>