أنصاف، كما ترى أن الفروق بين الدرجات الأصلية البيضاء ليست متساوية هي ٦و٤و٨و٨و١٠و٦ في السلم كله، ولا أدري كيف يعتبرونها أنصافاً. على أن الذين يشدون أوتار البيانو أو يدوزنونها يعتمدون على السماع لأن أوتار أعصابهم السمعية تدو زنت على سلم البيانو أو السلم الإفرنجي
وكذلك الذين يدوزنون الآلات الوترية العربية، العود والكمنجة والقانون، يعتمدون على آذانهم كما يعتمدون عليها في العزف من غير اعتماد على علامات (نوتات)، وهي مهارة عجيبة مدهشة لأنهم يعزفون جميع الألحان من غير الاستعانة بنوتات. وجل ما يحتاجون إليه في ألد وزنة هو إما صفارة تصدر صوت نغم واحد يعتبرونه درجة (دو) ويجرون عليه في ضبط سائر الدرجات اعتماداً على آذانهم أو يعتمدون على أداة معدنية ذات شعبتين فينقرون الشعبتين فتصدران صوتاً يحسبونه درجة دو
وأما في ضبط أبعاد الدرجات بعضها عن بعض (وأعني ضبط اهتزازاتها) فقد اعتمد الموسيقيون العلماء على قياس الوتر المشدود بحسب طوله، فاعتبروا الوتر الذي طوله متر إذا عزف كان صوته دو. فإذا أمسك في وسطه تماماً كان صوت الذي يصدر من نصفه دو أخرى هي جواب لدو الأولى، ثم يقسم النصف إلى درجات حسب اصطلاحهم. وكان عند اليونان آلة لقياس الصوت تسمى مونو كورد أي ذات الوتر الواحد. ولا يخفى أن لمقدار الشد أن أحساباً لأن الوتر كلما اشتد ارتفع صوته، لذلك ترى أن السلالم غير متماثلة إلا في أن السلم الواحد هو قرار لما فوقه وجواب لما تحته على اعتبار أن اهتزازات الوتر في السلم الواحد مضاعف اهتزازات السلم الآخر أو أنصاف الاهتزازات التي فوق السلم الآخر كما تقدم البيان
ولاستخراج عدد الذبذبات أو الاهتزازات في كل درجة أو نصف درجة توجد آلة تسمى صونوميتر تسجل اهتزازات كل صوت. وقد استنبط الأستاذ وديع صبره (من بيروت) وكانت حرفته العزف على البيانو في باريس مدة طويلة صونوميترا يسجل به اهتزازات الأصوات الموسيقية في جميع درجاتها. وقد جاء به إلى مصر يوم كان المؤتمر الموسيقي منعقداً فيها. وكان غرضه أن يسجل به اهتزازات درجات السلالم العربية بجميع أنواعها وألحانها. ولا يخفى أن لكل لحن من الألحان العربية سلماً خاصاً، كالرست أو الحجاز كار