يملكان ثروة كافية وكانا يستطيعان أن يعيشا من الآن حتى آخر العمر عيشة مدنية مريحة، فقد كانت الحلي قد بيعت بثمن ضخم، ولم يبق إلا قفل من الزمرد كان يمكن أن يباع بخمسين ألف فرنك لولا أنه كان من المحتم أن تنتهي عملية البيع خفية وبأسرع ما يمكن. ولذلك بيع بثمن غير مناسب. وعرف جورج أثناء قراءته أن كل شئ قد أعد وأن السعادة الأكيدة كانت تنتظر الصديقين بعد محن عديدة وأخطار لا عدد لها أمكن التغلب عليها بمهارة وشجاعة.
ووضع جورج رأسه في الماء البارد. كان من اللازم أن يتخذ قراراً. فقد كان واثقاً على الأقل أن صاحب الحقيبة سوف لا يأتي إليه ليستبدل حقيبته بالأخرى لأنه لا يحب أن يقبض عليه، كان أكثر الأمور احتمالاً إذن أن يلوذ اللص هارباً ببذلة جورج وحذائه وملابسه التي منها عدد من القمصان الجديدة كان يحبها جورج ويفتخر بها. وأن يقع العبء كله على كتفي جورج وحده. فهذه الحقيبة التي لديه تجعله هو الذي اخترق الجدران والأسطح، وهو الذي تسلح بالليل البهيم والمسدس في قبضته ليدخل الفنادق الفاخرة فيحطم صناديق الجواهر الموضوعة إلى جانب أصدقاءها السابحين في نومهم. على أن هذا اللص كان أيضاً بالنسبة لجورج المحسن المجهول، فقد ترك له ثمرة حياته الإجرامية المفعمة بالمغامرات، فبعد أن أراد ختام هذه الحياة والفراغ من هذه المهمة وبعد أن وثق من الغد ورقد في القطار يستريح مجهوداً مكدوداً، أخذ جورج حقيبته دون أن يدري ولا بد أن ذلك اللص الخطير قد ثار في تلك اللحظة غاضباً يسخط حيناً ويقسم حيناً آخر لا يعرف إلى من يشكو لاعناً ذلك السائح الخطير الذي خدعه وانتزع منه قائمة أعماله كلها. تلك القائمة التي ضحى من أجلها كثيراً ولاقى في سبيلها الأهوال على أن هذا السارق القدير ليس في الواقع إلا شاباً من أسرة متوسطة فاضل الخلق طاهر الذيل، لم يكد يقع في هذه المشكلة الخطيرة حتى أحس في عقله البسيط رعباً فضيعاً وعذاباً مضنياً.
واتخذ جورج قراراً سريعاً وقام لفوره وأغلق الحقيبة وتقدم نحو باب الغرفة متجهاً إلى مركز البوليس ليعرض مسألته: وقد أحس وهو يفعل ذلك بالهم والحسرة، ولكنه كان يعزي نفسه في المكافأة التي يمكن أن يحصل عليها بسبب تبليغه ومساعدته في القبض على ذلك اللص الخطير. وأخذ يحسب ما سوف يناله من المال لو كانت هذه المكافأة خمسة أو ستة