فهو لا يدري إذا كانت متزوجة أو أرملة. ولكن شيئاً في الغرفة لا يستطيع أن يتبينه على التدقيق كان يوحي إليه بأن في البيت رجالاً. . . على أن الصبية لم تلبث أن قالت:
- لقد نزلت بخالتي مأساتها الكبيرة في مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنين كاملة، ويوافق ذلك الوقت الذي غادرت فيه أختك هذه الجهات
فسأل الفتى وهو لم يكن ليتصور أن المآسي تجد طريقها إلى مثل هذا المكان الهادئ المطمئن:
- تقولين مأساتها؟
فقالت الفتاة وهي تشير إلى أحد الأبواب المطلة على الشرفة وكان مفتوحا:
- قد يدهشك أن ترى هذا الباب مفتوحاً في مساء يوم من أيام أكتوبر كيومنا هذا؟
فأجاب فرامتون:
- إن الجو دافئ بالنسبة لهذا الفصل من السنة، ولكن هل لهذا الباب أي علاقة بالمأساة التي تشيرين إليها؟
فشرعت الفتاة تحكي القصة الآتية:
في مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات خرج من هذا الباب زوج خالتي وأخواها الأصغر منها سنا ليصيدوا الطير على عادتهم اليومية، ولكنهم لم يعودوا من رحلتهم، لأنه عند اجتيازهم المستنقع للوصول إلى الميدان المفضل عندهم لصيد البكاشين ساخت أقدامهم في بقعة خادعة من الأرض اللينة، حدث في ذلك الصيف الذي كثرت أمطاره، على ما تعلم، حتى إن الأماكن التي كانت مأمونة في السنوات الأخرى لم تقو على الثبات فانهارت، وقد اختفت أجسامهم ولم يقف لها أحد على أثر، وهذا هو أفظع ما في المأساة
وما وصلت الفتاة إلى هذه النقطة من قصتها حتى فقد صوتها ما فيه من رنة الثبات وغلب عليه التأثر، ثم مضت تقول:
- مسكينة خالتي لا تنفك تتصور أنهم سيعودون يوماً ما ومعهم كلبهم الأسود الصغير الذي ساخ معهم أيضاً، وأنهم سيدخلون البيت من هذا الباب كما تعودوا أن يفعلوا كل يوم. وهذا