للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عليه يجد أن لا شيء فيه ألا ويسير ضمن دائرة من القوانين لا يتعداها، وأن لكل شيء سبباً، وأن ما يسيطر على أصغر أجزاء المادة يسيطر على أكبرها. . . فالمادة تتألف من الجواهر الفردة، وهذه تتألف من كهربائية سالبة تسمى كهرباً، وكهربائية موجبة تسمى نواة؛ والكهارب تدور حول النوايا في أفلاك، وهذا التركيب وما فيه من نظام وما يسوده من قوانين يشبه النظام الشمسي، فهو مجموعة شمسية مصغرة، فالنواة تقابلها الشمس، والكهارب تقابلها السيارات دائرة في أفلاكها حول الشمس، وتصدق هذه المقارنة على حجوم الكهارب والنوايا وعلى المسافات؛ فلقد ثبت أن نسبة حجم الكهرب إلى النواة تقارب النسبة بين حجم أحد السيارات المتوسطة والشمس. مما تقدم ومن نتائج بحوث علماء الفلك يظهر أن الكون متسق في نظامه، متناسق في أجزائه، متشابه في تركيبه، والنظام الموجود في السيارات والشموس هو بعينه في الجوهر الفرد: في الكهارب وفي النوايا؛ والقوانين التي تسيطر على الأولى تسيطر على الأخيرة، أي أن الكون في أصغر موجوداته وأكبرها سار ويسير حسب نظام مخصوص وحسب قوانين ثابتة اكتشف الإنسان بعضها، وأن موجودات هذا العالم أيضا متصل بعضها ببعض لا يستغني أحدهما عن الآخر، وأنه ما من شيء خلق لنفسه أو يقدر أن يعمل شيئا بدون غيره، والجوهر الفرد بألكتروناته ونواياه هو أصل كل شيء في الوجود، في الأرض، في السيارات، في الشمس، في النجوم. . . . والعلاقة بين كل هذه متينة والرابطة أمتن، علاقة التشابه ورابطة التركيب؛ فمن الذرات الكهربائية تكونت الجواهر الفردة، ومن الجواهر الفردة تكونت الدقائق التي منها تتكون المادة، ومن ذلك أصل النظام الشمسي والأنظمة الشمسية الأخرى وما فيها من نجوم وسدم وسيارات ومذنبات وشهب الخ. . . .

والآن. . . نأتي إلى الإنسان. . . . ما علاقته بهذا الكون؟ ما مقامه؟ بينما نرى الإنسان كبيراً جداً جدا بالنسبة إلى الجواهر الفردة، إذ وزنه يعدل ألف مليون مليون مليون مليون جوهر فرد، نراه في الوقت ذاته صغيراً جداً جداً بالنسبة إلى أحد الكواكب المتوسطة القدر التي وزنها يعدل عشرة آلاف مليون مليون مليون مليون رجل. . . . . . . . . .

من هنا نرى أن الإنسان يكاد يكون متوسطاً بين الجواهر الفردة والكواكب، ومن هذه النقطة المتوسطة يستطيع (الإنسان) أن يكشف عن طبيعة الأشياء الصغيرة من جهة،

<<  <  ج:
ص:  >  >>