كم أدمع كفكفتها، ومصائب ... واسيتها! والنبل فيك ثراء
تسعى إلى الخير العميم مطأطئا ... هاماً، فلا زهو ولا استعلاء
كنت الشباب مجملا برزانة ... والمكرمات يزينهن حياء
كنت الإخاء التبر أصفى جوهرا ... وأعز ما صدق الوفاء إخاء
حلو اللقاء سجية وطبيعة ... ما في خلالك صنعة ورياء
أدب كمؤتلق الضياء عرفته ... وشمائل علوية سمحاء
وإذا دعتك الحادثات تلقفت ... يدك الدعاء، فلا يخيب دعاء
متقدما للموت لا متهيباً ... والموت عندك صنعوه الإبطاء
ما زلت تسبقه إلى حوماته ... حتى طغت في الغفلة الهوجاء
فذهبت يا زين الشباب رواية ... للناس أروع ما روى الندماء
كانت حياتك نفحة علوية ... حسدت على النعمي بها الغبراء
ما طال عمرك في الحياة وإنما ... طال التحدث عنك والإصغاء
أو بعد أن لجت بنا الظلماء ... واستبهمت في الظلمة والحيناء
وتحطمت في الصخر كل سفينة ... وتناثرت في اللجة الأشلاء
وتألب الموج الغضوب فلا ترى ... إلا جبالا ساقها الدأماء
لا الشط وضاح المعالم مشرق ... أبداً، ولا تتكشف الأنواء
نجد العزاء! ونحن أعجب صورة ... لا نحن أموات ولا أحياء
الشعلة انطفأت، وأية شعلة ... تهب الضياء، وما هلا أكفاء!
خل العزاء فنحن في هول طغى! ... في كل أفق محنة وبلاء
نشكو الصبابة في هوى أوطاننا ... وقلوبنا عصفت بها البغضاء!
متنابذين وحولنا أشد الشرى ... قد حددت أنيابها الزرقاء!
متغافلين عن الخطوب وقد سعت ... أشباحها الجنية السوداء!
سبعون عاما لم يعظنا هولها ... أبداً، ولم يتنبه الحكماء
نحن الأسارى في القيود نظنها ... حليا فتأخذنا بها الخيلاء
ماذا كسبنا بعد طول جهادنا؟ ... الكسب غرم، والجهاد هباء!