(رهبة المراقبة) من تلك القوة المبدعة، السرمدية، الحكيمة الأزلية التي هي علة الوجود وسره الذي لا يدرك كنهه) وخير وسيلة لارتباط القلب بإرادة تلك القوة المبدعة هو (التمثيل) بين الواحد الأحد. . الذي لم يلد ولم يولد، في الصلاة بخشوع صادر من القلب، منبعث من جوانحه، لأن الصلاة هي معراج الروح إلى الملأ الأعلى. . بها تغرس بذرة الإيمان في القلب، وبالاستمرار فيها في شجرته، وبالإكثار منها تثمر. . (الذين هم في صلاتهم خاشعون (كما لا بد من إيتاء الزكاة تزكية للأموال من الدنس. وإيفاء لحقوق السائلين (وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) لأن الحق يستلزم إيفاءه، والممتنع عن إيفائه عاص يجب محاربته وعقابه. إذ لا تهاون في الحق لسمو منزلته وعلو مكانته، وخطورته، لأن في ضياع الحقوق اختلال توازن العدالة، وتحكم الظلم في مصير الناس. ولا بقاء لملك مع الظلم، لأن العدالة أساس الملك. . ولا عدالة مع إنكار حقوق السائلين والمحرومين. (والذين هم للزكاة فاعلون). ولكي تستمر شجرة ذلك (الإيمان) في النمو والحياة. . لا بد من ترفع عن كل ما هو باطل وضلال، وفسق وفجور، وإعراض عن المعاصي وابتعاد عنها وسمو عن اللغو، وإغراق في حب الحكمة، وصيانة للوقت الذي هو كالحياة. . وترفعاً عما لا فائدة فيه من الأقوال والأفعال.
(والذين هم عن اللغو معرضون). كما لا بد من اجتناب الفحشاء والمنكر، صيانة للنسل، وحفظاً لحدود الرحمن تعظيماً له، وإكباراً لما امرنا به من التزام الخلق العظيم، لأن الإنسان مكرم لسيطرة العقل على شهواته، واعتداله بين ما تتطلبه الروح والجسم، لأن انطلاق الشهوات قتل للنفوس، وهدم لأسس الاجتماع، ونهاية الأمر وإباحية لا تبقي ولا تذر. وفي كبح جماحها تكريم للنفوس وحفظ لها، وبناء لأسس الاجتماع وتهذيب له. . . (والذين هم لفروجهم حافظون). ولكي تبقى شجرة ذلك الإيمان في حرز من الجفاف والذبول. . لا بد من إتصاف المؤمن بصفة الأمان، إذا أؤتمن لم يخن بل يؤدي الأمانات إلى أهلها، وإذا عاهد أو عاقد أوفى بعهده ولم يخالف. لأن الأمان والعهد والعقد والتزامات تترتب في الذمة يجب إيفاؤها، من دون إهمال، لأن في ذلك زعزعة لمبدأ (الثقة) ونقض لدستور الفطرة السليمة (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون). كما لا بد من صفة المواظبة على الصلاة في مواقيتها، لأنه سئل الرسول (ص) يا رسول الله، أي العمل أحب إلى الله؟