أنواع الزهور في العالم - التي تعيش لعدة أشهر في المربى، وتعايشها دائما (كبقية الزهور الكبيرة في المنطقة الحارة) سمكة أنيقة فأينما وجدنا الزهرة على مقربة منها والعكس بالعكس. فإذا أوجست خيفة من شيء هرعت إلى الزهرة وتحصنت بين قرونها من أعدائها. ولا نعرف لماذا لا تلسع الزهرة هذه السمكة فتقتلها كما تفعل مع غيرها ومع أكبر منها. ويمكننا أن نشاهد تبادل المنفعة بين الحيوانين إذا وضعنا معهما سردينة صغيرة. فإننا نشهد مأساة من ماسي الطبيعة التي يتألم لها الإنسان، إذ تهيج السمكة المعايشة وتطارد السردينة هنا وهناك حتى تلامس قرون زهرة البحر وتلتصق بها، ثم لا تلبث أن تنفر منها، ولكن سرعان ما يصيبها الشلل ويعتريها اللهاث فتنقض عليها السمكة وتجرها من ذنبها إلى الزهرة، فتجاهد جهادا عنيفا قد تفلت بعده، وهكذا تتكرر المأساة حتى تخر صريعة فتنطوي عليها قرون الزهرة وتزج بها إلى فيها فتخفيها، ثم تلفظ عظامها بعد بضع ساعات. وهنا أيضا تساعدها السمكة على التقاط الفضلات وإزالتها.
هنا على الأقل مثلان آخران للمعايشة بين زهور البحر والأسماك، ولكننا لم نراقبهما في المرابي. وفي هاتين الحالتين تكون زهرة البحر كبيرة والسمكة صغيرة جدا.
يحمل بعض البشابش على المحارة التي يسكنها عددا من الزهور البحرية تبلغ الخمس أو الست، وتكون عادة من نوع عادي لم يتحور تبعا لهذه العادة كما تحورت الزهرة الأوربية وغير هذه الزهور زهرة غريبة تتميز بقرونها الثلاثية الريشية فتبدو الزهرة كأنها مستعمرة من الزنيا (جنس من الألسيوناريا)، وقد حيرت نماذج محفوظة من هذه الزهرة بيلجيين لتقلصها إلى كتلة لا شكل لها.
أما الألسيوناريا أو المرجان اللين أو ما يسميه البحارة الربلة , فذات بوليبات ثمانية التماثل، ويختلف نموها هنا عنه في المناطق المعتدلة كما يختلف المرجان نفسه، فبينما لا نرى في أوربا إلا (أصابع الموتى) , ' ومروحة البحر الحمراء , ولا يمكن الحصول على الأخيرة إلا بالمجراف من قاع البحر - أما هنا فتوجد الألسيوناريا في كل مكان بكثرة عظيمة وبأشكال متنوعة، منها الكتل اللحمية، ومنها الشجيرات، ومنها النورات والمراوح. وقد حاولنا حفظ القليل منها في المربى فلم يعش إلا واحدة وهذه جنس مشعب لين من عائلة الألسيوناسيا وتختلف عن قرائنها من نفس العائلة في عدة نقط مهمة، فتعيش