للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فسألتني جادة: (أين؟)

فقلت: (بخيالي. . في أحلامي!)

فقالت الأولى وهي تبتسم - لا أدري لماذا - ألست عبد. . . عبد الله؟)

فتشهدت وقلت: (طبعا، طبعا، عبد الله حقا وصدقا)

قالت: (لقد كنت واثقة إني أعرف وجهك. . . ألم تعرفيه يا توحة؟)

فأجبتها أنا: (لماذا تحرجينها؟ دعي لها سرها حتى تهمس به في أذني، ونحن نتمشى في غابة بولونيا، والقمر الطالع. . .)

فضحكتا وقالت توحة: (بهذه السرعة؟)

فقلت: (معذرة إن خيالي وثاب. . . طيار إذا شئت، ولكنه صادق. . . لا يطير إلا بجناحين من الحقيقة)

فقالت الأولى: (وكيف زوجتك؟)

فصحت: (إيه؟)

ولم أكن أتوقع أن ترميني بسؤال عن زوجتي، وخفت أن يكون وراء السؤال شرك منصوب، فلذت بالحذر. وقالت: (إنما سألت كيف زوجتك؟)

فقلت: (زوجتي؟؟ أوه! آه، مفهوم!)

قالت: (لماذا تركتها؟)

فلم أدر ماذا تعني بالترك؟ وآثرت أن أزوغ فقلت:

(هل تعرفينها؟)

فقالت الخبيثة: (إنه يسأل هل أعرفها؟ قولي له يا توحة)

فدار رأسي، وارتبكت، فما رأيتهما قط في بيتنا ولا في بيوت أحد من أهلنا أو معارفنا، وزاد شعوري بالشراك المنصوبة تحت كل كلمة، ولعنت الساعة التي أقدمت فيها على كلامهما، ولكني كنت قد تورطت، وانتهى الأمر، ولم تبق لي حيلة، وخجلت أن أنهزم أمامهما فتشددت وقلت:

(ما أجمل هذه المصادفة! يا الله حدثاني عن نفسيكما. . .

إن أذني معكما. . . . لكل واحدة منكما أذن. . . تكلما. بارك الله فيكما، وفي ليلتي هذه

<<  <  ج:
ص:  >  >>