وزانت أناشيدي ووشت مدامعي ... فمن لؤلؤ نظم إلى لؤلؤ
وما شئت من ظل رخي ومن شذا ... وما شئت من طير يغني ومن
أماني في زهو الحياة وفجرها ... مرصعة الأوفياء يا الممتع المغر
أراك بعيم قد تنكر دهرها ... وما ألفت إلا الوفاء على النكر
وأصبوا إلى ذكراك والذكر راحة ... لمن عاش في الهم المبرح والخسر
وأشتاق آلافا سقاني ودادهم ... كؤوس الهوى حتى انتشيت من السكر
وحتى كأن الدهر طوع أناملي ... ينولني قصدي ويبلغني أمر
إذا زرتني يا طيفهم في حمى الكرى ... فقد زارني سعدي وعاودني بشر
وأشرقت الدنيا بعيني وازدهت ... ليالي بالأنوار والأنجم الزر
وهون ما ألقاه من لاعج الضنى ... وخفف ما أشكوه من ثائر الفكر
مررت على الدار التي غالها البلى ... وقوضها حتى استحالت إلى قر
فنازعني قلب يذوب صبابة ... إليها، ودمع لا ينهنه بالزحر
أطوف بها والروح يعصرها الشجا ... ويعمرها بالبشر حيناً وبالذر
هنا الأهل والأحباب والقصد والمنى ... هنا الملتقى بعد القطيعة والهجر
هنا تجثم الذكرى هنا ترقد الرؤى ... هنا الموت يبدو في غلائله الصر
هنا يقرأ الإنسان سفر حياته ... ويا هول ما يلقاه في ذيلك السر
صحائف إن قلبتها ازدتت حسرة ... على ما بها من غائل الغدر والشر
هنا العبرة الكبرى التي دق شأنها ... وأعوزها سبر فأعيت على السر
هنا يخشع القلب الشجي مرددا ... كتاب الردى المحتوم سطراً إلى سطر
بنفسي أرواح رقاق حبيبة ... مضخمة الأعطاف مسكية النشر
تأرج بالذكرى وتعبق بالهوى ... كأن بها عطراً أبر على العصر
أعيش بها خذلان يسعجني الرضا ... ويقنعني منها الخيال إذا يسر
سلام على الأحباب إن طيوفهم ... لتملأ هذا الفكر بالنائل الغر
ولولاهم لم أجن ريحانة الهوى ... ولولاهم ما شمت بارقة العبر
ولا صغت أنغاما لطافا شجية ... أرق من النجوى وأصفى من الخمر