تنم الحركات التي قام بها خالد في قتاله أهل الردة على المبادئ الحربية التي نهجها وفي هذه المبادئ أسس لا تختلف كثيراً عن الأسس التي اتخذها القواد العظام وأصبحت من المبادئ الحربية الخالدة. نذكر في ما يلي بعض تلك الأسس:
أولاً - التوفيق بين القيادة والسياسية: يبدو لنا من الخطط التي وضعها خالد لحركات على طليحة بن خويلد ومسيلمة الكذاب والتدابير التي اتخذها بعد الانتصار أن خالداً من القواد الذين وفقوا دائماً بين القيادة والسياسة وأصبح هذا الأس في عصرنا من أخطر عوامل الظفر ويقيناً أن من أكبر العوامل التي حالت دون استثمار الانتصارات الباهرة التي أحرزها نابليون في حروبه على الحلفاء عدم توفيقه بين السياسة والقيادة. وكذلك من العوامل التي أدت إلى خيبة الألمان في الحرب العامة نظر قادتهم إلى الأمور من الوجهة الحربية فقط، وعدم توفيقهم بين السياسة والقيادة.
فنرى خالد بن الوليد في الخطة التي وضعها للحركات على طليحة بن خويلد أنه وفق بين السياسة والقيادة، فلم يقدم جيشه إلىبزاخة إلا بعد أن مهد له سبيل الانتصار بجلب قبائل طي إلى جانبه وفصل الفرقتين: جديلة وغوث عن بني أسد والاستفادة فعلاً من القوة التي أمدت قبائل طي بها جيش المسلمين.
وبعد انتصاره في بزاخة نراه يفرض على القبائل تقديم عدد معين من السلاح. وفي ذلك تعزيز لجيشه وإضعاف لشأن خصمه.
وقبل أن يتقدم بجيشه نحو اليمامة يسعى قبل كل شيء لاستمالة التميميين الذين التجئوا إلى مسيلمة وإخراج جماعة سجاح من ميدان العمل ولما ظفر ببني حنيفة لم يتردد بعقد الصلح معهم على أساس التساهل برغم مخالفة رؤساء الأنصار والمهاجرين له ودون أن يعما بأمر الخليفة الصريح. وقد ذكرنا مجمل الإسبال التي التجأت خالداً إلى ذلك ولخالد مواقف تدل على استعماله الشدة واللين تبعاً لمقتضى الحال
ثانياً - الاستطلاع: لقد عني خالد بالاستطلاع في جميع حركاته. وقبل تقدمه نحو بزاخة يوفد قوة استطلاع بقيادة عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم. وفي حركاته على بني تميم يوفد أمامه السرايا للتجسس والاستطلاع. أما في حركات اليمامة فيرسل مكنف بن زيد