للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لست مقصدا بهذه الإشارة المباهاة، وإنما هادف إلى المقايسة وهل ينفع القياس؟ لقد انصرف هم العلم إلى التعالم، واتجهت همة العالم للمغانم؛ وذهب نور الهالة الذي كان يلمع في الوجوه المؤمنة الآمنة؛ فتغضي منها الأبصار!

في الأمس القريب كانت الدعوات تتري فتهتز أعواد المنابر بالدعاء للملك الصالح المخلص في طاعة ربه؛ ثم بدا دليل الفساد وانطوى العهد؛ فسكتت الألسنة بعد أن أسكتتها المباغتة وألجمتها المفاجأة، فما الذي حال بينها وبين التلميح وهي التي تقود العامة

إن النفاق داء وبيل، ولكنه في قلوب العلماء آفة!

نريد أن يكون العلم ذا قرار في القلوب، تحصنه الهيبة، وترفعه الكرامة ويحفظه الوقار!

نريد ترك التشدق بالألفاظ، والتفصح في العبارة، والتكلف في القدرة. نريد علما نابغاً من الإيمان، فيه لغة الوجدان الطاهر والروح الصافي!

إن زياد ابن أبيه كان على ما كان عليه وقد قال: أيها الناس لا يمنعكم سوء ما تعلمون منا أن تنتفعوا بأحسن ما تسمعون منا؛ فإن الشاعر يقول:

إعمل بعلمي وإن قصرت في عملي ... ينفعك قولي ولا يضررك تقصيري

فهل يريد العلماء أن يكونوا على مذهب زياد في أداء الرسالة!

اللهم إن العلم في الصدور لكن العمل به فيه قهر للنفس وزجر للهوى وقتل للشهوة، ومغاضبة الشيطان، واقتداء بالسلف الصالح، فمتى يفيق من امتلأت رءوسهم وقلوبهم هواء؟

أحمد عبد اللطيف بدر

<<  <  ج:
ص:  >  >>