شرع على أقوم الأركان أسسه ... للعالمين مبي طاهر الشيم
غذي عقول الورى حتى أتاح لهم ... عيش النعيم ونقاهم من الآثم
وعلم العرب حتى ساد نسلهم ... هام الممالك وارتاحت لعدلهم
كأنما الشرع جزء من نفوسهم ... فإن هم وعدوا استغنوا عن القسم
قوم إذا استخصموا كانوا فراعنة ... فإن هم قسموا أرضوك بالقسم
وخلدوا ملكهم ريان مؤتلقاً ... وكل ما شادت الأطماع لم يدم
إن الممالك إن شيدت على جشع ... تفرس، ولا خير في الحيتان للبلم
وقد يمل الفتى بالشيب من أرب ... ولا يمل عبيد المال من بشم
أتون نار زفور جد محتدم ... والمال يهوى بخلق جد مزدحم
لو أدرك المرء أن المال تاركه ... لمل صحبة خوان الوداد عمى
ولو درى العاشق الموتور كيف سلا ... أحبابه لم بيت يوماً بقربهم
كفاك هما فأهواء الدني غصص ... نودى بصفوك مثل السم في الدسم
والزهد راحة فكر من متاعبه ... فإن دعانا وأهملناه ينتقم
همنا بفان فأغرانا وأذهلنا ... وأي قلب بحب الأرض لم يهم؟
يا أزهد الناس في الدنيا وفي يده ... خزائن الملك والأنصار كالخدم
عجبت كيف تعاني الجوع مرتضيا ... حظ الفقير ولم تلتذ بالتخم
ولم تبال بتجيان مرصعة ... ولم تكن للآلي خلوا بمرتسم
تقول ربي أجرهم من عميتهم ... وتصرف النفس نحو المورد الشبم
فاستضحك القوم هراء واستبدلهم ... وهم فصيرهم لحماً على وضم
كأن أفكارهم من طول ما شقيت ... ألقت بأرواحهم في وهدا الحطم
والنار حرقة نفس من ندامتها ... يا بؤس من لم يحد عن شر مغتنم
فاسلم بنفسهم أن الروح يعوزها ... رضا الذي علم الإنسان بالقلم
فلا طعام من البأساء ينقذنا ... ولا لباس يقينا شدة الضرم
وهل تفيدك أبراج مشيدة ... والموت في القصر مثل الموت في الخيم
والمرء يفنى إذا لم يبق مأثرة ... تحيا إذا باتت الأجساد في الرجم