للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقد كان الحكم التركي يهدف أولاً وأخيراً إلى جمع المال لتنفق على موائد الخلفاء في ترفهم ولهوهم. وكان المال يجمع بطرق وحشية فيها غلظة وفيها تعذيب وفيها جلد وحبس إلخ.

ولم يكن الأتراك يهتمون بإصلاح حال رعاياهم ومن ثم شلت كل حركة للإصلاح وكانت جناية الأتراك على الشرق فظيعة قاسية.

وانزاح الكابوس التركي ولكنه ترك وراءه أمماً ضعيفة، تستطيع أن تدافع عن كيانها، ومن ثم سقطت هذه الأمم في يد الدولة الأجنبية فوضعت العراق وفلسطين تحت الانتداب الإنجليزي وسوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، وأما مصر فكانت تحت الحماية البريطانية!! وهكذا كانت جناية الأتراك على الشرق.

على أن هذه الأمم جاهدت الاستعمار والمستعمرين وظفر بعضهم باستقلاله كاملاً وما يزال البعض الآخر يجاهد في سبيل استكمال أسباب استقلاله وسيادته عن قريب سيزول بأمر الله كل أثر للاستعمار البغيض في الشرق.

وقد كان يحز في نفوسنا نحن المصريين ما كان يترامى إلى أسماعنا من أن تركيا تعارض في جلاء القوات البريطانية عن أرضنا باعتبار أن مصر قاعدة ضرورية لحماية ظهر تركيا. وقد كان ذلك يؤلمنا أشد الألم، فقد كنا نتوقع أن تقف تركيا في صفنا لا ضدنا وكنا نتساءل إذا كانت تركيا ترغب في أن يحمي الإنجليز أرضها فلما لا تسمح لهم باتخاذ قاعدة في بلادها وحينذاك يكونون أقرب إلى حمايتها وأسرع إلى نجدتها وإنقاذها؟

وقد حدثتنا الصحف أخيراً أن تركيا تتجه الآن في موقفها السياسي إزاء مصر اتجاهاً جديداً يهدف إلى تأييدها في طلب الجلاء الناجز عن أرضها واعتبار القاعدة الإستراتيجية في منطقة القنال قاعدة ثانوية. . وكانت تعتبر من فبل ضرورية لحماية ظهر الجيش التركي.

ونحن نحمد لتركيا أن تعدل من سياستها وأن تقف بجانب أخواتها المكافحات في سبيل الحرية فإن ذلك خير لها وأجدى.

وجدير بي أن أذكر أن سياسة تركيا الخارجية إنما يمليها عليها موقعها الجغرافي، فهي تقع في ملتقى قارتين، أوربا وآسيا، وتفصل بين بحرين، البحر الأبيض والبحر الأسود، وتصل ما بينهما بواسطة بحر مرمرة وبوغازي الدردنيل والبسفور وبحر إيجه.

وقد نشأ عن هذا الموقع عدة مشاكل أهمها مشكلة البوغازات وما عرف في التأريخ باسم

<<  <  ج:
ص:  >  >>