وألمانيا، وفي سنة ١٨٧٧ قامت الحرب بينها وبين تركيا وتدخلت إنجلترا وأنذرت روسيا بأنها إذا هاجمت القسطنطينية عاصمة تركيا فستضطر إلى التدخل، وأذعنت روسيا لتهديد إنجلترا ووقعت مع تركيا معاهدة سان استفانو التي عدلت في مؤتمر برلين سنة ١٨٧٨ وعقدت معاهدات احتفظ فيها بمبدأ إغلاق البوغازات في وجه السفن الأجنبية.
وقد مزقت هذه المعاهدة أملاك تركيا في أوربا، فقد استقلت عنها رومانيا والجبل الأسود والصرب (يوغسلافيا) ونالت بلغاريا استقلالاً ذاتياً واسع النطاق، واستولت إنجلترا على قبرص وأخذت روسيا قارص وباطوم، وكان اليونان قد حصلت على استقلالها منذ سنة ١٨٢٩، وهكذا تحطمت الإمبراطورية العثمانية في أوربا وجثمت الدول الأوربية الكبرى على صدر تركيا.
أحفظ ذلك تركيا فلجأت إلى ألمانيا وقامت بينهما علاقات صداقة، وقد وقفت تركيا إلى جانب ألمانيا في الحرب العالمية سنة ١٩١٤ - ١٩١٨.
ولما هزمت ألمانيا وحلفاؤها مزقت الدول المنتصرة أملاك تركيا خارج أوربا، بل أن أراضي تركيا نفسها كانت موضع النهب والتنافس بين الدول العظمى والدول الصغيرة، ولولا أن الله قد بعث لتركيا مصطفى كمال لضاعت إلى الأبد.
وفي خلال الحرب العالمية الثانية سنة ١٩٣٩ - ١٩٤٥ وقفت تركيا على الحياد فأفادت من ذلك كثيراً: أولا استطاعت أن تقوي جيشها وأن تجعله مستعداً للدفاع عن أراضيها إذا تعرضت لخطر. ثانيا: جنب هذا الحياد تركيا ويلات الحرب وكوارثها، وما الحرب في هذه العصور إلا الدمار والخراب والفناء والبؤس والشقاء.
وقد أعلن تشرشل أن العامل الوحيد في منع قيام الحرب الثالثة. هو الخوف من ويلات الحرب. وها نحن نرى بأعيننا آتون الحرب الملتهبة في كوريا ونلاحظ أن الدول تلقي فيه من الوقود بقدر مخافة أن تزداد النار اشتعالاً فتلتهم العالم كله.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية انقسمت الدول المتحالفة إلى كتلتين: إحداهما شرقية تتزعمها روسيا، والأخرى غربية تتزعمها أمريكا وإنجلترا. ولما كانت روسيا تطمع دائما في الاستيلاء على القسطنطينية والبوغازات لتتمكن من الوصول إلى البحر الأبيض، ولما كان هذا لا يتأتى إلا على حساب تركيا فقد انضمت تركيا إلى المعسكر الغربي حرصاً على